:للوطن
يقال إنه، وقبل عشرين عاماً، نالت سياط الزميل الكاتب حافظ الشيخ تلفزيون البحرين بالنقد والتقريع واصفاً إياه بأنه يعمل بشكل ممنهج على تشويه صورة الإنسان البحريني ما أثار حنق الوزير الراحل طارق المؤيد آنذاك. في قوله بالطبع كان يشير لمسلسل أم هلال الذي كان غاية ما ينتجه التلفزيون حينئذ.. وقد دارت السنوات بالزميل الشيخ ورأى ما هو أفظع من أم هلال في تسقيطه لصورة البحريني وإساءته للذوق العام ولكنه عف�’ عن الكلام عنه – ربما – لأنه كالكثيرين قطع الرجاء من هذا الجهاز .. أو صار من بين من يرون عبثية وكز كيان ميت لن يستفيق من سباته الأبدي.. لا بمقال ولا بـ88 مقالاَ !!
أما نحن فنرى – مع احترامنا لطاقم هيئة الإذاعة والتلفزيون من رئيسه وصولاً لفراشيه- أن التلفزيون أثبت على مدار عقود أنه ليس فقط هدراً للمال والجهد بل هو أيضاً إراقة لماء الوجه.. في الجامعة حيث كنا ندرس كان تلفزيون البحرين حاضراً دوماً كمثال يساق على بدائية العمل التلفزيوني ولازال بعض الإخوة في الخليج يتابعونه ” لتذكر زمان أول” على حد وصفهم.. ومن يلومهم والتلفزيون يرقع وقت بثه ترقيعاً بأشرطة مغبرة. ويستخدم ديكورات تنتج ورش سلماباد ما هو أجود منها وآنق .. ويبث برامج دعائية رتيبة لا يحترم صانعوها عين المشاهد؛ ولا حقيقة أنهم ليسوا الخيار الوحيد أمامه.. طاقاته الناجحة تهب للخارج؛ وتستبدل بطاقات متواضعة – في الشكل والإمكانيات- الحس�’ الإبداعي مفقود.. عناصر الجذب والتشويق معدومة..
والمخرج الوحيد من هذا التيه هو إغلاق التلفزيون.. وأعني إغلاقه ملياً.. وإن كان لابد من وجود قناة رسمية فعلى الوزارة أن تسرح كل موظفي الهيئة وتعيد مقابلتهم وتوظيف الصالح منهم ومقاعدة من لا يملك مقومات مواكبة صناعة الإعلام المتفجرة، صناعة الإعلام الشرسة، التي تلفظُ من لا يستطيع أن يجاري السبق.. فما بالكم بمن لا يملك ما يدخل به المضمار أصلا !!
وللوزارة خيار اللجوء لتخصيص القناة.. ولها أن تكلف جهة إعلامية ذات ثقل بتطوير الجهاز وإدارته لبعض الوقت؛ وكنا قد سمعنا فيما قبل أن الوزارة شرعت في التعاقد مع الجهة التي طورت تلفزيوني دبي وسما دبي ولكن المشروع أُجهض.. وهو خبرٌ لا ندري مقدار صحته ولكنه خيار حصيف في ظل الإخفاقات المتكررة التي مني بها التلفزيون..
فالتلفزيون بصيغته الحالية كالبيت الهرم الآيل للسقوط الذي نخر فيه النمل الأبيض بالشكل الذي يجعل كلفة صيانته وترميمه – تفوق- كلفة هدمه وإعادة بنائه.. وما التعيينات الأخيرة إلا نوع من الترميم – واعذروا فجاجتنا إذا ما قلنا نوع رديء من الترميم- الذي لم يبن على ذوق أو أساس واضح بل وأعاد للأذهان أغنية فنان مغمور غنى ذات مرة قائلاً” هي خاربة.. خاربة خلينا نعميها”!!!
في مؤتمره الأخير دافع الوزير عن تلك التعيينات ضارباً من لدنه مثالاً .. إذ إنه وصف بالدخيل على مهنة الإعلام ولكنه نجح فيها.. والحقيقة أن الوزير بوكمال قد لا يكون شخصية إعلامية ؛ ولكنه شخصية علاقات عامة بامتياز ويملك المقومات الشخصية والفكرية لإدارة دفة وزارة الإعلام – بل وأية وزارة.- ولكن هذا لا يعني أن يأتي بمسؤولين لا يملكون رؤية إعلامية ليديروا إعلاميين .. فمتعهد البناء – عطفاً على المثال السابق- لا يشترط فيه أن يكون مهندساً ومتخصصا ولكن من يعملون في الموقع – وعلى الأرض- يجب أن يكونوا مهندسين وفنيين وحرفيين وإلا لما علا بناء وإن علا فسيكون أضعف من أن يصمد طويلاً !!
نكره أن نقسو على زملاء ”الكار” نعم؛ ولكن وأد النقد في الحناجر لم ينفع يوماً أحداً.. وتلفزيوننا الآن في وضع يحتاج معه لحلول أكثر دراماتيكية من وضع هذا واستبدال ذاك!!