للوطن : على خلفية انتفاضة العمال في 1965 و1972 وما تلاها وما تخللها صيغ قانون العمال البحريني بنية إسقاط حقوق العمال – تحت مظلة القانون وجُب�’ـته- وإعطاء أرباب العمل اليد الطولي في التحكم بأرزاق ومصير موظفيهم. ورغم أن كثيراً من بنود القانون عُدلت مرات ومرات إلا أنها احتفظت بالقالب والقلب ذاته.. لاسيما اللائحة الجزائية بكل ما فيها من مثالب وأخطاء!!
فبين مطاطية مصطلحاتة وتعبيراته ”خاصةً عندما يأتي الأمر لما يبيح لرب العمل طرد العامل” وبين المادة 102 من القانون التي ”وهبت” أرباب العمل الحق في إنشاء لائحة جزاءات خاصة بمؤسساتهم – تُضاف- على لائحة الجزاءات العامة الموجودة أصلاً.. ضاعت حقوق العمال. وانتهى بهم الأمر بين كماشة قانون متحيز وساحة تقاض عمالية تُعاقب – ببطئها وسلبيتها- العامل بشكل أشد وأقسى أحياناً من عقاب رب العمل نفسه!!

يكفينا أن نعرف هنا أن لجان التظلم التي تنص عليها المادة 101 من الباب السابع تُشكل – طبقاً للقانون- في الشركة ذاتها.. التي تظلم العامل ثم تعقد لجان التظلم وتملك صلاحية تفسير القانون وتحتكر صلاحية التحقيق مع العامل دون حضور أي شاهد أو ممثل رسمي يضمن سلامة التحقيق وعدالة ما يورد فيه.. فتكون الشركة بذلك الخصم والحكم والجلاد؛ أما العامل فيبقى بلا عوين ولا ظهير حتى إذا ما وصلت المباحثات مع الشركة لطريق مسدود اضطر لتولية وجهه شطر قسم التحكيم العمالي بوزارة العمل.. ذلك القسم الذي تُطبق عليه الحكمة القائلة ”جيتك يا عبد المعين تعين؛ لقيتك يا عبد المعين تنعان”!!

فصلاحية وزارة العمل في دعم المفصولين مبتورة.. فكل ما يملكه قسم الشكاوى العمالية بقاطرة محاميه هو صلاحية التوفيق ونصح رب العمل بالتراجع و”الصلاة على النبي”.. فإن تراجع واهتدى فبها؛ وإلا فينتهي دور المحكم العمالي بإحالة الملف للمحكمة العمالية التي أسلفنا أن الوقوع في شباكها -عقاب- لا يقل ضراوةً عن عقاب الفصل نفسه. 

فالموظف لا يعاد إلى عمله .. ولا تجبر المحكمة جهة العمل -وإن كانت حكومية على إعادة الموظف المفصول جوراً لعمله.. وعادةً لا يتجاوز ما يحصل عليه الموظف – كتعويض- أجر 6 أشهر ولا يكون ذلك إلا بعد معركة قانونية قد تمتد لـثلاث أو أربع سنوات.. يكون خلالها العامل قد استنفد طاقته في معركة غير متكافئة مع خصم يدرك تواضع تبعات أفعاله. إذ إنه لو سوى مستحقات العامل فور فصله فقد يدفع له أجر 3 أشهر؛ وإن لم يفعل سيدفع له المبلغ ذاته؛ أو زد عليه قليلاً بعد سنوات؛ وهو ما يقلل – اقتصاديا- من قيمة التعويض.. وذلك للعلم ما يدفعني دائماً – كنقابية- إلى دفع الصحافيين المفصولين عسفاً للتسوية خارج المحكمة لعلمي بقسوة البديل..!!

نقول إن هناك وضعاً قانونياً مختلاً.. وهناك اختلال في توزيع ميزان القوى بين العمال وأرباب العمل أدى – فيما أدى إليه- إلى تضرر العملية الإنتاجية ومفاقمة أوضاع جائرة لخشية العمال من المواجهة.. وما سنعرضه لكم لاحقاً هو نموذج خاطف يعكس قتامة الوضع الذي نتحدث عنه..
يتبع