للوطن : فرز المسؤولين لسنة وشيعة وفق إحصاءات صماء خطأ.. ولكن إعمال الاعتبارات الطائفية في توزيع المناصب خطيئة ..
اللجوء للمنظمات الدولية والارتهان والتقاوي بالخارج خطأ.. ولكن التمييز بين أبناء الوطن الواحد خطيئة.
الدعوة للمحاصصة خطأ.. ولكن تهميش وظلم فئة بلا مسوغ خطيئة ..
التحدث بلغة الهوية الطائفية وتصنيف الناس مذهبيا خطأ.. وخطأ كبير.. ولكن مجازاة الخلق على انتماء لم يختاروه.. خطيئة.
علينا جميعاً أن نقتص الحق من أنفسنا ونحن ننظر لقضية شائكة كقضية التمييز .. وعلينا أن نفرق جميعاً بين الفعل ورد الفعل.. ردود الأفعال – وإن عازتها الحكمة واكتنفتها الأخطاء- فإنها في نهاية المطاف تبعات لا تعالج إلا عبر التركيز على ما استوجبها وأثارها.. ولوم ردة الفعل على رعونتها وتجاهل الفعل الذي أطلقها خطيئة.. وخطيئة كبرى أيضاً..!!
التمييز في البحرين واقع من العبث إنكاره أو محاولة إخفائه؛ وليس علينا أن نعاني منه شخصياً أو يعاني منه ذوونا أو جماعتنا لنقر بوجوده.. كما أن نفي وجوده لا يتم بتسقيط ”الوفاق” ولا بتخوين من قصدوا الكونغرس الأميركي بل عبر دحض الأرقام والحقائق بأرقام وحقائق مثلها تؤكد عدم وجود فجوة حقيقية في تقسيم المناصب العامة / أو على الأقل بدراسة طبية تثبت أن بعض فئات الشعب غير صالحة – وراثياً- لاستحقاق مناصب عليا باستثناء بعض الطفرات الجينية..!!
في ملف التمييز بالذات نقول كنا نتمنى لو استعاضت السلطة – وأذرعها في كل مكان- عن رشق الاتهامات بتقديم تبريرات لمواقفها وقراراتها التي رسخت التهمة.. فلتبرر لنا الحكومة سبب تمرير وظائف دون الإعلان عنها أو تقسيمها سلفاً قبل نشر إعلانات شكلية ؟! لتسوغ لنا تفضيلها للأجنبي على المواطن في وزارتين من أصل 19 وزارة؛ تسخر لهما مجتمعتين 40% من ميزانية الدولة ؟!
لتفسر لنا سبب إعلانها عن 500 شاغر وظيفي وإخــــفائها لـ2500 ؟! ولتفصح لنا عن رأيها في بعض مؤسساتها التي تطلب – جهاراً نهاراً- من المواطن الإفصاح عن مذهبه في استمارة طلب التوظيف ؟! ولتقل لنا إذا كانت نسبة تمثيل الشيعة في مناصب الدولة هي 17% كما قيل أم أن الرقم باطل كبطلان كل السياسات التمييزية التي تهلك ولا تذر�’ !!
إننا لا نريد مزيداً من المناصب للشيعة – وحاشا أن نتبنى طلباً أرعن كهذا- نحن نريد تأصيل مبدأ تكافؤ الفرص بالشكل الذي لا يظلم معه أحد وتستقيم -به ومعه- دورة العمل والمصلحة العامة.. وهو مطلب حضاري لا داعي لتفسيره طائفياً أو تحويره لأنه ليس وليد وجع شخصي بقدر ما هو حرص على وطن متذبذب بين حقبتين وسياستين..
في البحرين نحن بحاجة لتشريع يجرم التمييز وكل ممارسة تدعو لتفتيت الوطن وتحوله إلى كانتونات طائفية.. بحاجة لتنقية السلطة ممن أصلوا التمييز ورسخوه.. بحاجة لهيئة تتابع وترصد وتدفع باتجاه تكافؤ الفرص بين شعب البحرين بأطيافه الدينية ومكوناته.. بحاجة لمواجهة شرورنا الدفينة وملفاتنا العالقة بكل شجاعة وشفافية.. لا الدفدفة والتعتيم عليها لتسكين علات لا ينفع معها التخدير.