للوطن : كثيرة هي الإدارات الحكومية التي يُغض الطرف عنها رغم ما في وجودها من هدر للمال والجهد.. ورغم أن الجهاز المركزي للمعلومات – عملياً – أحدها إلا أننا لا نستطيع غض الطرف عن تشوش أهدافه.. فجهاز بهذا الحجم؛ أفرد له مبنيان استراتيجيان أحدهما في الجفير والآخر في سند.. بعشر إدارات كاملة و3 مديرين عموميين فضلاً عن الرئيس يشرفون على جحافل من الموظفين الدائمين والمؤقتين؛ لا عائد منهم ولا غاية إلا مناكفة النواب؛ وإثبات تفوق الحكومة وبراعتها.. عوضاً عن توفير أرضية معلوماتية لائقة تمكننا من بناء خطط ومشروعات ”تنجح” وتساعدنا على تقفي مخارج لمشكلاتنا القائمة والعالقة..!!
فكيف نخطط لسوق العمل ونحن لا نعرف عدد طلبة المدارس.. وكيف نخطط لاحتياجات المدارس ونحن لا نعرف عدد المواليد.. وكيف نقدر عدد المواليد ونحن لا نملك – أصلا – إحصاء رسمياً بعدد السكان حتى الساعة!!
فالمعلومة في البحرين، أي معلومة، هي عملة نادرة. وإن توفرت فعادة ما تكون قديمة تفتقر للدقة والمصداقية.. ففي البحرين تعاني الأمرين لتعرف عدد الخدم؛ أو عدد المساكن المؤجرة.. وتبحث عن مساحة البحرين فتجد مئة تقدير.. ولعدد الأجانب عشرات الإحصائيات غير المتقاربة.. فكيف لنا أن نرسم خططاً والمسوحات والمعلومات، التي هي أرضية كل استراتيجية، غير متوفرة!!
هي موجودة ربما في درج ما في مكان ما ولكنها غير متاحة؛ بل ويعض عليها بالنواجد خوفاً من أن تتسرب للأجهزة الرقابية من صحافة وبرلمان وغيره. وتلك معاناة أعيشها شخصياً من خلال عملي كل يوم إذ أعاني الأمرين من أجل الحصول على إحصائية عادية في حين أحصل على بيانات عسكرية تتعلق بدول أخرى بكبسة زر.. وزوروا الموقع الالكتروني ”البدائي” للجهاز المركزي الالكتروني لتتيقنوا من صدقية ما نقول..!!
فرغم أن الموقع يشير لكونه يضم المجموعات الإحصائية وصولاً للعام 2005 (وهي مجموعة لا شك قديمة لا تنفعنا الآن في شيء) إلا أن المتصفح يُصفع بعبارة (هذه الوصلة تحت الإنشاء) كلما ضغط على رابط مجموعة إحصائية!!
قبل أيام فقط لفت النائب د. جاسم حسين إلى تأثير المعلومات المغلوطة التي نشرها الجهاز عن التضخم على السوق من جهة ومصداقية البحرين من جهة أخرى.. وذلك على خلفية نشر الجهاز المركزي لمعلومات تزعم أن نسبة التضخم في البلاد لا تتخطى الـ 4% في حين أنها – وفقاً لـ د.جاسم – تترواح بين 10 و11% وهو ما يسنده المنطق والواقع المعاش أيضاً!!
إن مشكلة الجهاز – واقعاً – تختزل في نقطتين أولاهما أهلية مسؤوليه لهذا الموقع ”وهي مشكلة عامة في البلاد” أما المشكلة الأعمق فتكمن في تسييسه.. نعم تسييسه.. فالوزارات تستخدمه وتوائم دراساته على هوى ما تريد إثباته أو نفيه.. وهو ما يورث الموظفين الذين يعملون ليل نهار الإحباط الشديد.. فهم يعملون بكد على جداول ومسوحات ويراجعونها يدوياً وإلكترونياً ليتم تحوير مخرجاتها لاحقاً أو تكييفها ببتر وتمويه بعض التفاصيل وهو ما يفقدها ثقلها وفائدتها!!
نقول: إننا لا نستطيع النظر لأداء الجهاز المركزي للمعلومات بمعزل عن تخبط مشروع الحكومة الالكترونية بأكمله الذي رصد له لليوم 6.9 مليون دينار دون أن نلمس مردوداته.. فلا ريب أن برامجنا فاشلة.. وخططنا ورؤانا فاشلة.