للوطن : رمقته للمرة الأولى منذ سنوات وسط حشد جماهيري – واقفاً- يحذر من خطورة الإصطفافات المذهبية على مستقبل العمل الوطني رافضاً تجزئة الهوية البحرينية طائفياً.. بالطبع لا أستحضر عبراته الآن تحديداً ولكني أذكر يومها أني تلتفت أسأل عن هوية هذا الرجل المفوه فقيل لي أنه المحامي عبد الله هاشم.. 
بعدها تعاطيت معه كمحام متمرس مرات عدة ما ضاعف دهشتي حيال التحولات الدراماتيكية المتسارعه التي شهدتها مسيرته.. بدءاً من انقلابه على رفاق الجبهة الشعبية ورفضه لصيغة جمعية العمل وانشقاقه عنها ؛ عبوراً بتشكيلة لـ”جمعية التجمع الوطني الديمقراطي” نكاية بجمعية العمل ثم الانقلاب على ذلك الكيان لاحقاً.. وصولاً لتجربته في الانتخابات التي خرج منها بنتيجة جد مخيبة – فاجأتنا كما فاجأته تماماً- وجعلته يؤمن بأن فرس اليسار الذي راهن عليه طويلاً لن يوصله للجائزة ولا للكأس..!!

فتلفت حوله.. وفكر ودبر..فشرع بالغناء على لحن ” الشارع السني المغيب” وهو اللحن الذي يعزفه كل الطموحين الذين لم يجدوا لهم مكاناً وسط السيرك السياسي المعاش في البحرين اليوم.. وعندها خرج هاشم علينا بحلة جديدة وخطاب طائفي مخالف لقناعات الأمس.

ومن تلك الفوهة ؛ انطلقت رصاصة حركة العدالة التي جمعت شخصيات لا يجمعها سوى شيئين: المعاناة من جراح انشقاق سابق عن جماعة/ تيار ما.. أو الإستماته للظهور والظفر بأي دور في المشهد العام !!

ولهذا ولدت حركة العدالة – نقول- مشوهةً ومشوشة.. مشوهة لأنها ولدت برأس كبير وأطراف صغيرة؛ ببطل/ مؤلف/ مخرج واحد و” كمبارسات” كثيرون.. أما من جهة أنها مشوشة فذلك لأنها حركة لم تعرف ماهيتها للساعة.. فقد تمثلت بالمعارضة حيناً وبالموالاة أحياناً. وبالاعتدال مرة وبالتطرف أمراراً لذا فشلت في أن تكون رقماً صعباً وسط الحركات والتيارات خاصةً وأنها راهنت على استنهاض الشارع السني ؛ ليكون شبيهاً بالشارع الشيعي ” إن ما صح التعبير” في انقياده للزعامات وإتماره بأمر الرموز.. وهو رهان لا يقل بؤساً عن الرهان الأول !! 

فالشارع السني ؛ كان ولا يزال؛ شارعاً لا يخوض بالسياسة إلا بقدر.. ربما تساوق كثير من أبناء الطائفة السنية مع بعض التيارات الطائفية ولكن الغالبية ظلت – كما نعرفها على الأرض – تنأى بنفسها عن مناكفة ومشارعة أحد.. يعود ذلك في مستوى لطبيعتهم المسالمة؛ وعلى مستوى أكبر لأنهم – ورغم ما يعانونه من مشكلات وتعقيدات كسائرنا- لا يشعرون بأنهم مهمشون لمجرد أنهم سنة ؛ كما يشعر أخوانهم الشيعة في المقابل ..

في عودة للحركة التي تفتت -نقول- أن ” المنسحبون” برروا انشقاقهم بكون الحركة لم تطرح ملفاً أساسياً لائقاً ولم تتبنى نهجاً ولا قضية وفي المقابل صعرت خدها للشباب المتهمين بالإرهاب طمعاً في مكتسبات قد يدرها هذا الموقف على متبنيه.. ولكن باطن الأمر في رأينا أن هؤلاء أعادوا حساباتهم فوجدوا أنهم بيادق في لعبة لن يصيبهم من خيرها شيء.. كما وجدوا أن الحركة لم تمنحهم ما طمحوا إليه بقدر ما أحرجتهم بتخبطها وإخفاقاتها..!! 

أن مآل برغماتية هاشم وحركته؛ درس.. درس في عبثية الاستماتة للبقاء بمشهد سياسي يرفضك.. ودرس لكل من يستسهل الاستخفاف بعقول الجماهير.. وذاكرتهم.