للوطن :
إبان فترة رئاسة د.محمد الغتم توجهت الجامعة لفتح برنامج مسائي برسوم عالية نسبياً (80 – 100 دينار للساعة الواحدة) لمنح الفرصة لمن تعثروا في إكمال تعليمهم لتحصيل الشهادة.. وقد شكلت تلك البرامج المستحدثة مصدر دخل مُعتبر للجامعة التي ذُهل مسؤولوها بالإقبال المهول على البرامج المسائية رغم كلفتها العالية.. بيد أنه سرعان ما تكشفت أمور مقلقة: فمستوى أولئك الطلبة كان متدنياً مقارنة بالطلبة النظاميين ”على الأرجح لأن جُلهم كانوا متقدمين في السن نسبياً وغير متفرغين للدراسة” فارتفعت لذلك نسبة الرسوب في الفصول المسائية بشكل مهول ما هدد البرنامج كله بالزوال..
المعطيات آنذاك كانت واضحة: هناك طلبة البرنامج الصباحي الذين لا يقبل منهم إلا من كان مجموعة في الثانوية العامة 70% فأكثر ورسومهم لا تتجاوز الـ25 ديناراً للساعة الواحدة.. مقابل طلبة البرنامج المسائي الذين يستطيعون الالتحاق- بذات الجامعة وذات التخصص- بمعدل 50% مقابل أن يدفعوا ما يصل لـ100 دينار للساعة الأكاديمية الواحدة.. وكان أمام الجامعة هنا خياران: إما أن تحفظ مستواها الأكاديمي ولا تساوم على جودة مخرجاتها حتى وإن كان ذلك يعني الضغط على طلبة المساء ليتلاقوا مع مستوى الطلبة النظاميين، وبذلك تكون الجامعة تغامر بخسارة جمعٍ غفيرٍ من الطلبة وما يدرُ�’ونه من دخل، أو تتماهى مع هؤلاء الطلبة: بالتغاضى في مسألة الحضور؛ وتقليل كثافة المواد وتسهيل الامتحانات و”الكرم” في منح الدرجات..!!
لم يكن قراراً مكتوباً، ولكنه اتخذ ضمنياً في غفلة من الزمن بمعية بعض رؤساء الأقسام والأساتذة المستنفعين من الأجر الإضافي المجزي: نعم سنتماهى و”نمش�’ي العزا” على ما يقولون ”وهو ما أسس لاحقاً لكارثة دكاكين الشهادات الموسومة بالجامعات الخاصة” وكنتيجة متوقعة: نزح كثير من الطلبة الموسرين – بما فيهم اليافعون – للفترة المسائية طمعاً في الدرجات والتسهيلات، سيما بعد أن شاع أن الطالب الحاصل على تقدير جيد يستطيع أن يحصل على الامتياز، لذات الجهد أو أقل، إن أخذ المادة في الفترة المسائية!!
المفيد، زاد الإقبال على الفترة المسائية تباعاً.. واضطرت الجامعة لجعل جداول طلاب الفترة الثانية ”مكثفة” لكي يسجل الطالب مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع ”لما في ذلك من زيادة لإيراد الجامعة”.. واتجه بعض الأساتذة الجشعين لقبول ساعات إضافية تضاف للساعات الإضافية خاصة وأن طلبة المساء لم يكونوا يعبأون بضعف الأستاذ أو تمكنه بل بـ”حاتميته” في الدرجات.. في تلك الفترة وصل مستوى البحث العلمي في الجامعة لأدنى مستوياته.. وتقاطر الطلبة الكويتيين والسعوديين بشكل مط�’رد على الجامعة، ما اضطر تلك الدول للتلويح بعدم الاعتراف بالدراسة المسائية في الجامعة، وتدنى تصنيف الجامعة دولياً وتدخلت بعض الأصوات الأكاديمية المخلصة لتدقَ�’ ناقوس الخطر، ولكن النفوس المريضة فضلت دنانير الأجر الإضافي على سمعة البحرين الأكاديمية..!!
فطن بعض الأساتذة للعبة، وفتحت تلك التجربة أعينهم على ما في المتاجرة بالتعليم من خير غزير.. فبدأوا بإطلاق حملة منسقة تدعو لضرورة فتح جامعات خاصة لتخفيف العبء على جامعة البحرين التي ما عادت تستطيع قبول معدلات تصل لـ85% نظراً لمحدودية المقاعد!! جهود أولئك الأساتذة أوصلتهم لسدة المبتغى، ولكن الأمور أخذت منعطفاً جديداً لما صدر قرار يخفض نسبة القبول في الجامعة لـ60% وبرسوم متدنية جدا ما شجع – حتى الطلاب غير الراغبين بالدراسة- على التسجيل.. وكانت تلك بداية النهاية..
.. يتبع