:للوطن
نعود على البدء في إكمال مسيرة فتح الحساب الثقيل مع كل من سمح بهذا الفساد وبتحو�’ل البلاد إلى قبلة لطالبي المتع الرخيصة: حساب من رضي وارتضى هذا المصير لهذه الأرض.
ثانياً: رجال الدين.. أين أنتم من كل هذا؟!
رجال الدين هم الدعامة الأساس من دعائم الأمة الإسلامية، بصلاحهم تصلح وبفسادهم تضيع وتأفل.. جعلهم تعالى خلائف وورثة للأنبياء لا ليتقاتلوا على كراسي البرلمان والسلطة والهيمنة، ولا ليلعبوا بالناس كبيادق الشطرنج من أجل مصالح وتكتيكات آنية، بل ليبقوا دين محمد حياً إلى قيام الساعة.. فالنبي الأكرم نفسه ما بعث إلا «ليتمم مكارم الأخلاق» كما ورد في حديثه الشريف.. وقعود علماء البحرين ورجالاتها الصالحين منذ عقود عن التصدي لهذا الدنس الذي تغرق به البلاد معيبة ما بعدها معيبة..!
فكم من رجل دين يخطب في مسجد تطوِ�’قه بيوت الدعر وصناعة الخمر ويمر بها في طريق رواحه وإيابه إلى المسجد، وقد تآلف مع وجودها وتقبله! وكم عالم وخطيب مفو�’ه يقف بين جماعته ويعرف أن منهم مُلاك ورواد فنادق مشبوهة، فيعف عن نصحهم.. وكم من عالم يقف بين يديه الشباب مع علمه بما يتقطعهم من مهازل أخلاقية، فلا يحرك ساكناً ويؤثر جر الحديث معهم لأمور هامشية ضيقة على تناول ما يمس دعامة دينهم ودنياهم! أي�’ نكوص هذا عن دور رجل الدين مربياً ومقوماً لسلوك الأمة؟!
في منطقة من مناطق هذا البلد الطاهر المدن�’س الذي أطلق عليه أحد القراء الخليجيين في موقعنا أنه «بارهم» قصدت مجموعة من الأهالي خطيب المسجد لإعلامه أن بيت والدته المؤجر لأجانب يدار في الدعارة (ظناً منهم أنه غافل عن ذلك)، فما كان منه إلا أن تذرع بأنه غير مسؤول عما يفعله هؤلاء المستأجرون داخل الدار، ولا حق له في طردهم ماداموا ملتزمين بدفع الإيجار!
فأي تعس هذا وأية خيبة! لماذا نتوقع من المسؤولين أن يغاروا على الدين وحفظته على الأرض لا يفعلون! أهو يا ترى القنوط واليأس من وجود نتيجة سريعة؟! رجال الدين وممثلوهم من السياسيين (أو هو العكس ليتنا نعلم) يقدمون أطروحات قد تبدو للوهلة الأولى بعيدة المنال، ولكنها قد تُنال بالعزم والثبات.. ثُم: منذ متى كان لرجلِ أو عالمِ الدين أن يقعد عن فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لبطء مردودها أو لضبابية مستقبل التجاوب معها؟! إن الأمر بالمعروف ليس بفريضة فحسب، بل هو شعيرة من شعائر الإسلام عدها بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام، فكيف يقعد عنها العلماء هكذا.. كيف؟!
لو أن رجال الدين وقفوا ضد ما يجرف البلاد لتغير في المعادلة الكثير.. لا نزعم الخمر سيُمنع، وأن المراقص ستكسد، وأن الدعارة ستنطمر، ولكن الوضع سيكون أفضل.. ولو فتح هذا الملف بجدية لاجتمع عليه السنة والشيعة والسلفيون والوهابيون، بل وكثيرٌ من غير المتدينين، فهذا الجانب العقائدي الأخلاقي قادرٌ على توحيد الصف لتسمو القيم والمبادئ العليا وغلبة مصلحة البلد وسمعتها على المصالح الحزبية الضيقة.. ولكن من ذا الذي يبحث اليوم عما يجمع عوضاً عن أن يبحث فيما يشق الصف ويعلي مصلحة الفئة والجماعة على المجتمع؟!
نقول ذلك ونحن نعي سلفاً أننا سنتهم بأننا نضاد رجال الدين ونحادهم.. ولكننا لا ننافح أحداً لننافحهم هم.. هم مسؤولون عن انتشار الفساد الأخلاقي بغفلتهم عن هذا الجانب لصالح جوانب أخرى قد تبدو أكثر أهمية، ولكنها – صدقوني – ليست كذلك!
.. يتبع