:للوطن

وقف مخموراً في الردهة التي تفصل البار عن المرقص وظهره للنافذة التي تشع منها أضواء المدينة.. حملق فيه رجل الأمن وهز رأسه ساخراً من فعل الخمر بهذا الرجل الأربعيني المهيب، إلا أنه لم يعبأ، وقال وكأنما يخاطب نفسه:
«لقد سكرت هنا (مشيراً إلى البار) وسكرت هناك (في إشارة إلى المرقص) ولم يبق إلا أن أسكر هنا» والتفت وألقى جسده من نافذة الطابق السادس عشر وسط دهشة رجل الأمن الذي عقدت الصدمة لسانه وشل�’ت كيانه!

وعندما جاء أبوه المسن ليتسلم أشلاءه من المشرحة ظل يردد بهستيرية -دونما توقف – ودموعه تتخلل تجاعيد وجهه «ما عليه مات، بس مو جذي».. 

مشهدان لا يكاد ينساهما هذا الشاب الذي ترك العمل في الفندق بعدها، بيد أنه يستيقظ من نومه ليالي وهو يستحضرهما. تلك ليست سوى حكاية من حكايات كثيرة يتداولها من عرفوا العالم السفلي للحياة في البحرين.. العالم الذي يقوم على تجارة الأجساد والمسكرات والمخدرات.. عالم تمتزج فيه رائحة الخمر بالعرق الآسن والدخان.. عالم تديره عصابات كبيرة ويملك زمامه الكبار.. هو عالم كامل لا يدخله فرد إلا وضاع بين ردهاته.. وهدمت حياته..

وهو عالم كما عالمنا: طبقي.. لا يستهدف الأغنياء فحسب، ولا يذر كبيراً ولا صغيراً.. تبدأ الأسعار فيه من 3 دنانير وتصل إلى .500 كل الجنسيات فيه متوافرة، ومن الجنسين.. سوق كبيرة هي.. سوق علنية.. كلنا نرمق هذا العالم ونلمح إشارات منه، بمن فينا الدولة، التي تشيح بوجهها بعيداً.. 

العالم السفلي في البحرين هو موضوع حلقاتنا المقبلة في «على الوتر»، إذ سنسلط الضوء على خباياه وما يسيره ومن يسكت عنه ومن يواجهه ومن يحميه..

الصالات الفنية: الحلقة الأقوى أم الأضعف؟!

في البحرين هناك 90 فندقاً و40 مبنى سياحياً و60 مطعماً سياحياً وشقق مفروشة تؤجر باليوم والساعة.. وقد لا تكون الصالات الفنية هي أهم مداخل هذه الحياة ولكنها أوضحها على الإطلاق..

لا نملك عدد الصالات الفنية في البحرين، ولكننا نعلم أن بعض المباني ذات الطوابق الثلاثة تملك أحياناً 3 أو 4 صالات.. تترك الفتيات «الفنانات» فيها ليتمايلن على أنغام موسيقى نشاز بملابس عارية.. 90% منهن لم يمارسن الفن يوماً، بل استقدمن للبلاد تحت راية العمل نادلاتٍ، ثم استدرجن أو أغرين للعمل بغيره..

تلك الصالات كانت هدفاً لوزير الإعلام السابق محمد عبدالغفار.. وربما يستذكر بعضكم، بحبور، كيف أعلنت وزارة الإعلام أنها ستغلق تلك الصالات سواء كانت صالات رقص شرقي أو ديسكوات ملياً – عدا تلك المتمركزة في فنادق النجوم الخمس.. على أن تكون الخطوة الأولى هي تنظيم الصالات القائمة ومنع بيع الورود التي تباع في الصالات كعربون «إعجاب» بالفنانة بواقع 20 ديناراً للعقد و50 ديناراً للتاج، وهي أزهار تباع للزبون المخمور بالمسكرات أو بجمال الراقصة مراراً وتكراراً..!!

هذا القرار كان مستحق التطبيق مطلع العام 2008 على مرحلتين؛ إحداهما في يناير/ كانون الثاني، والثانية في مارس/ آذار.. ولكن الضغوط المهولة التي مورست آنذاك علقت القرار.. إلى أجل غير مسمى.

يتبع…