:للوطن
30 عاماً أو يزيد والبحرين تسعى لموطيء قدم على خارطة الدول السياحية بلا رؤية ولا إستراتيجية. فغضت الطرف عن الحياة السفلية لظنها أن ذاك هو خيارها الوحيد لتكون بذلك أشبه ما تكون بدبي مطلع السبعينات وحتى سنوات معدودة مضت؛ إذ شجعت سياحة الليل حتى استدركت نفسها وتراجعت، لما وجدت التبعات الأمنية والاجتماعية لهذه السياحة أكبر – فعلياً- من مردوداتها التي تصب في حسابات عصابات الدعارة -ومنها لخارج البلاد- وحينها وجهت الدفة لدعم سياحة الاستثمار والترفيه والتسوق والتبادل التجاري والصناعة؛ وأنشأت مدن الإعلام والتكنولوجيا والمناطق الحرة ونصبت مهرجانات التسوق مستهدفةً السياحة الخارجية والداخلية أيضاً..
فسياحة المناهل والهشك بشك والغانيات التي تصب المال في جيوب أباطرة الحياة السفلية – وهم قلة- خيار.. والسياحة العائلية التي تصب المال في الأسواق والمطاعم والفنادق النظيفة خيار آيضاً.. ولتعلموا جميعا ان السياحة – حول العالم- هي باب واسع لتبييض الأموال والاتجار بالبشر وغيرها، وهي -أيضاً- باب رفاه تقوم عليه اقتصاديات بأكملها..
وللبحرين أن تختار أي نوعية من السياحة والسياح تريد وتهيئ الأجواء للنوعية المستهدفة؛ ويستحضرني في هذا السياق تعليق أحد قرائنا في موقع الوقت الذي كتب من السعودية الشقيقة يقول: هناك من يرى أن التصدي للدعارة والمراقص والبارات سيسبب خسارة اقتصادية، وهذا خطأ لأننا كعوائل سعودية نتمنى أماكن نظيفة ومنتجعات سياحية وسواحل وألعاباً، وصدقوني يا إخواننا في البحرين – والكلام للعسيري من السعودية- لو تركزون على هذا الجانب صدقوني سيغنيكم عن متاجرة القلة منكم في المراقص والبارات، فالعوائل تنفق أكثر من الشباب وستجدون العدد نفسه من السيارات يفد إليكم وربما أكثر” !!
ونحن نختم حلقاتنا اليوم آملين أن نكون قد أوصلنا الرسالة التي تغص بها حلوق كثير من أبناء هذا الشعب: إن الحياة السفلية التي تدور بين ظهرانينا يجب أن تُضبط وتقوض.. لن نكون حالمين ونقول أن تُنسف بل أن تح�’د بما يتناسب مع وضعنا.. نحتاج لهذا من إدارة السياحة أن تنهض وتتمرد على دورها الهامشي.. نحتاج منها أن تستقل مادياً وإدارياً عن وزارة الإعلام ويكون لها طاقم يتساوى -كماً وكيفاً- مع التحدي المنوط بها ” وهو المشروع الذي سيطرح على مجلس النواب قريباً ونتمنى منهم ان يدعموه ويعززوه” فالسياحة صناعة كبيرة أكبر من أن تكون مجرد مرقص وبار وفندق، وهو رأي محمد عبدالوهاب ناس مدير إدارة السياحة الذي أغبطني الحديث معه لما وجدت لديه من رؤية تحتاج -على ما يبدو – لمزيد من الكفاءات والصلاحيات لتطبيقها..
والجمعيات والكتل والنواب -وعامة المواطنين كناخبين- عليهم أن يدفعوا باتجاه ضبط.. إعادة توجيه.. السياحة في البلاد..عبر برامج ومقترحات تصطبغ بالحنكة والروية و.. التدرج.. قد تكون المطالبة بتشميع المراقص والمناهل عبثاً لا جدوى تُرتجى من ورائه ولكننا نطالب الآن-على الأقل- بالتنظيم والضبط وحصر الأماكن في أضيق نطاق وأبعد نقطة عن الأحياء السكنية وبتفعيل ولو نصف قرارات الوزير عبدالغفار.. نريد أن يتم رفد شرطة الآداب بمزيد من الطاقات والصلاحيات وقد أطلعت بالأمس على تصريح للعميد طارق بن دينه يشير فيه إلى أن الآداب قدمت في عامين 2500 متهم في قضايا مخلة بالآداب للنيابة، وهو جهد جبار إن وضعنا في الاعتبار تواضع عددهم ولاشك سيتضاعف لو رُفدوا بمزيد من الكوادر.
نريد أحكاماً رادعة لتجار الرقيق ومستغلي القاصرين.. نريد ونطالب بتشريع ضد المثليين الذين يعيثون في البلاد فساداً..
نريدها بحرينَ نظيفة.. لا نريد أن نكون منهلاً لأحد ولا مقصداً لطالبي الدُعر والرذيلة والمتع الرخيصة.. فقد جربنا هذا الطريق الموحل طويلاً ؛ وحان الوقت لنجرب غيره..