:للوطن
”الحكم على رجل في الـ45 من عمره بعام مع وقف التنفيذ لإدانته بالاعتداء على عرض صبي في الـخامسة”، ”الحكم على مغتصب فتاة في الـ16 بعامين و100 دينار لإيقاف تنفيذ العقوبة”، ”الحكم على زوج اعتدى على ابنة زوجته بوحشية بعامين مع النفاذ”، ”الحكم على معلم قرآن بـ6 أشهر لتحرشه بطفلة”..
هذه هي الشاكلة التي تأتي عليها الأحكام القضائية التي تتصدر الصحف وتُورث قارءها الضغط والحرقة خاصةً إن قارنها بالأحكام الرادعة التي تتخذ ضد كل من يتعثر مالياً و”يتجرأ” على كتابة شيك بدون رصيد أو تراخى في تسديد التزاماته للبنوك والشركات!!
وكل ما نراه اليوم من تفجر أعداد الجرائم المتعلقة بالعرض هو نتيجة طبيعية لما تخطه أيدي القضاة من أحكام تطلق المنحرفين في الشوارع ليكرروا فعلهم مرات ومرات.. وإن كان الواحد منهم قد ترك على نفسه مستمسكاً في المرة الأولى فإنه عادة ما يتعلم من خطئه هذا فيعاود جريمته مجدداً، إنما بإتقان أكبر..
ومكمن العجب من هذه الأحكام، التي لا يوجد لها سمي ولا مثيل في الدول الإسلامية ولا غيرها، أنها تلجأ للأحكام الدنيا رغم ما فيها من تفريط بحق من انتهكت حرمته.. فالقضاة يملكون صلاحية الحكم بالمؤبد لكل من واقع أنثى بغير رضاها وهي عقوبة تصل للإعدام إن لم تتم الضحية الـ..16 ويملكون، وفق المادتين 643 و,743 صلاحية الحكم على منتهكي عرض الذكور (الذين يمثلون ما نسبته 57% من الضحايا) بأحكام تصل لـ15 عاماً.. ومع ذلك فهم يحكمون بسنة وسنتين تماهيا مع الجاني، هذا إن ما حكموا بالإدانة أصلاً!!
في السعودية مثلاً.. ومن بين 90 ألف جريمة جنائية لا يعدو عدد الجرائم الأخلاقية الـ 10738 جريمة هي في مجملها جرائم خلوة غير شرعية ولقاء من غير محرم وسكر وإقامة حفلات ماجنة؛ أما نسبة قضايا هتك العرض والاغتصاب فضئيلة وهي في تراجع مستمر.. أو تعرفون لماذا؟!
لأن المنحرف هناك يعرف أن عقوبته ستكون الإعدام في الساحات العامة – ولا أقل- على جريمته.. أما هنا فالمجرم يختطف ويغتصب ويهدد بالقتل والحرق؛ ومع ذلك يخرج بعقوبة مخففة فيما يقضي الضحية حياته – كلها- أسيرا للتجربة المريرة..
والمآخذ على هذه النقطة ليست شعبية فحسب؛ بل ويتصدرها المختصون الذين يسوؤهم ما يرون في ساحات المحاكم من هتك للحقوق وقصم للعدالة.. ونحن هنا نهيب بوزير العدل أن يتلمس عمق المشكلة التي خلقها القضاة بأحكامهم المتراخية ويحقق في تبعات هذه الأحكام على أرض الواقع. وليتخذ من تواتر ذات الجريمة – ومن الشخص ذاته- مؤشراً للوقوف على فشل الأحكام في تحقيق هدفها الرئيس.. وهو الردع وحفظ المجتمع من الجريمة.
هامش
نسأل القضاة أبطال تلك الأحكام بأمانة:
لو أن الجرم طال أحد محارمكم وهتك أعراضكم الجليلة.. أكنتم ستصدرون هذه الأحكام أو تقبلونها؟
وسؤال بريء آخر..
كيف تنامون ليلا؟!