:للوطن

يسألني الناس كل يوم: ما رأيك في فتوى “اسحقوه” التي أطلقها الشيخ عيسى قاسم؟ هل تقبلين بها؟ وأي سلميه تلك التي يدعون مع تحريض كهذا وغيرها من الأسئلة المبطنة بالاتهامات – التي صارت عنوان تعاطي السلطة ورجالاتها مع مناوئيها- وليكون موقفي واضحا ” والذي يعكس موقف كثيرين مثلي ” سأختزل الجواب في عناوين ثلاث :

السلمية و” الإنبطاحية” !

أن تكون مسالما؛ يعني أن تك�’ف يدك ولسانك عن الآخرين فلا تعتدي على أحد ولكنها – لا- تعني أن تستلقي لمن يعتدي عليك وتدير الخد الأيسر لمن صفعك على الأيمن وتقول ” كماااان” !! 
السلمية بمعناها المطلبي العام تعني أن تعبر عن رأيك ومطالبك بالصوت والكلمة والموقف والشعار- لا- بالتعدي على المنشئات ولا بسد الطرقات وحرق الممتلكات والاعتداء على سلامه جسم الغير ولكن ذلك لا يعني – بأي حال- أن تترك أحداً يهدد حياتك ويعتدي على شرفك وأهلك ومنطقتك وأنت راضخ مستكين..!
في كل القوانين الوضعية : الدفاع عن النفس مشروع.. وفي كل الشرائع السماوية: الدفاع عن النفس واجب..
وما يتعرض له الناس –يوميا- من اعتداءات على أعراضهم وحياتهم يبيح لهم الدفاع عن النفس.. ولا يحاجج في ذلك منصف ولا رشيد.. 
بالطبع بعض كتاب السلطة وسياسييها سيساوون هنا بين الدفاع عن العرض والحياة والدفاع عن حق المرور والسياحة وقد سمعت احدهم يقول ” من سد الشارع اسحقوه” في مفارقه تليق بسطحية تفكيرهم ومبادئهم.. والحق أن س�’د الطرقات – وإن كان مزعجاً لا شك- إلا انه لا يعادل هتك ستر حجاب شقيقتك أو لمس والدتك أو ضرب أخت لك في الدين والإنسانية ولكن.. ما عسانا أن نقول في جنود السلطة المجندين ذوي الضمير ” المستتر” !

وماذا عن سد�’ الطرقات والاعتداء على العسكر ؟

ارفض – قطعاً – سد الطرقات وسكب الزيت وحرق الإطارات وغيرها من الممارسات..ولكني ، في الوقت ذاته، أبررها وأعذر عليها.. 
تخيل معي أنك في قطار يصرخ أحد ركابه بهسترية قربك ، سيزعجك بلا شك؛ وقد تسلخه بنظرات الغضب والازدراء ولكن خط�’ سخطك سيتبدل لو اكتشفت وجود معتدً آثم بمحاذاته يغرس سكيناً في خاصرته ويستلذ صرخاته.. ومن السفاهة – والانحطاط- إن تن�’هر المتألم على صراخه المدوي، وتطالبه بالهدوء والتوقف عن إزعاجك، عوضا عن صب جام غضبك على من يغرس نصله فيه بلا رحمه.. 
*****
الحياة اليومية في البحرين صوره موسعه لمثالنا هذا..البعض يسد الطرقات – نعم- لعرقله اعتداءات المرتزقة على الشباب ومواكب تشييع الشهداء أو حتى بهدف إرهاق أجهزة الأمن.. وهناك قله ترمي سيارات العسكر بالحجارة وسواها كردة فعل على الاعتداءات الليلية على الآمنين في القرى والجرائم اليومية ضد جيرانهم وأخوتهم.. 
في علم السياسة قاعدة أوليه تقول : عند منع الناس من التعبير السلمي عن النفس يجنح هؤلاء للعنف..
وهذا ما سنشهده في المرحلة القادمة. لاحظوا معنا أن المحتجين عندما اعتصموا في الدوار.. لم يرمي احد حصاه واحده ولم يُحرق إطار ولم يسد شارع – بل على العكس- كان الشباب ينظمون السير ويكنسون الشوارع.. فلما حرمتهم السلطة من حق التعبير السلمي عن النفس وتوحشت آله القمع في سحقهم جنحت فئة صغيره لممارسات لا نملك رفاهية لومهم عليها ونحن نعرف بأمر السكين المغروسة في خواصرهم..

وبعدين يعني ؟!

آخر ما نريده – جميعا- هو أن نرى قطره دم تُراق ، لشاب كل ذنبه انه ضج�’ بحكومة أجحفتهُ حقه، ولا حتى لمرتزق وإن كان قد ترك بلده ليعمل كسياط في يد الحاكم ضد الشعب.. فكل الدماء حرام، وكل الأرواح عزيزة.. وهو ما يجب على أجهزة الأمن أن تعيه ونقولها لهم للمرة الألف ولو شاءوا لكتبناها لهم ” بالأوردو” : اتركوا الناس تعبر عن رأيها..مواجهة الكلمة بالسلاح وحشيه.. حرمان الناس حتى من الصراخ استبداد.. السلمية نهج ثوره ولكنها لن تد�’ك الطبيعة البشرية والشرقية لمجتمعنا.. ثم تعالوا هنا:
ما يُضيركم لو صرخ الناس في مناطقهم صباحاً ومساءً ” يسقط ويعيش”..!! قليل من الحياء وقليل من الرشد..
ألجموا مرتزقتكم وبلطجيتكم عن تعذيب الخلق والاعتداء على النساء والشيوخ والأطفال..اتركوا الناس تُطالب بما تشاء وأنصتوا لهم بدلا من محاربتهم.. كفاكم عنجهية وسادية وشموا الحقيقة.. القتل والاعتقال والتنكيل لا يخمد الاحتجاجات بل يزيدها اشتعالا واسألوا الأنظمة الأخرى التي فاقتكم في القمع.. فسبقتكم للزوال..