للقلب والروح :
لو تسنى لك أن تبدأ حياتك من جديد؛ وتستخدم حياتك الحالية – كمسودة- لحياتك القادمة.. ماذا ستفعل بصلصال حياتك الجديدة يا ترى؟
سؤال لاذع الطعم .. يقودنا لتقييم حياتنا كبشر ..
هل ستمشي الدرب ذاته ..؟
خصصك الدراسي/ مجالك المهني هو ما ستختار؛ أم ستسعى لمهنة أخرى ؟
أستعيد تخضيب ذاكرتك بحكايات الحب – عينها- مع ذات الأبطال ؟
هل ستختار شريك حياتك ذاته ؟
أتريد إنجاب العدد نفسه من الأطفال..؟!
أي تجارب ستختصر؛ وأي منها ستمحي..؟
أسئلة لا يجب أن يمضي العمر.. دون أن نواجه أنفسنا بها..
فنحن كبشر، نتوق لإعطاء معنى لعذاباتنا وإخفاقاتنا بإلقاء حمولتها على شماعة القدر والمكتوب والنصيب والحظ؛ إلا أن ذلك يجافي الواقع بالتأكيد.. فنحن ؛ وإن كنا عبيداً للظروف والمعطيات القدرية؛ إلا أننا ملوك قراراتنا.. نكرر؛ عبيد للمعطيات بلى.. ولكن من العبيد من يثور ويكسر القيد ويقفز على السياج.. ومنهم من يتكحل بالملح كل صباح حالما بالحرية ويفضل العيش مع غصته الأبدية على أن يغامر ويناطح المجهول..
فإن كانت حياتنا رواية – وهي كذلك- فنحن من يرسم حبكتها ويحدد منعطفاتها بل ونهايتها.. لذا فنحن نحاسب عليها من قبل خلقنا الذي سلمنا اللوحة والريش والألوان موكلاً لنا مسؤولية الرسم .. بعضنا
لطخها بأفكار ومشاريع لم تكتمل؛ وأقحم فيها عناصر زادتها ازدحاما؛ ولم تزدها قيمة .. بعضنا فقد الدفة فترك لوحته للآخرين ليرسموها له .. بعضنا جعلها لوحة تستحق التخليد؛ فيما ألقى البعض الآخر بها في نيران المدافئ واختار تأبطا يد الموت..
ونلتمس لأنفسنا بعض العذر دوما لأننا لم نتدرب على الرسم قبلاً ولكن ..
.. لو منحنا لوحة جديدة .. ماذا سنرسم فيها هذه المرة ؟!
(أسطورة سيزيف) تقف على جزء من الإجابة.. ففكرة العبثية في الحياة تثير «ألبير كامو» الذي يحلم بالجلاء الكامل من واقعه وتغيير مصيره – الذي اكتشف – أنه يرفضه .. يموت ألبير سعيداً وهو يكافح للوصول لحلمه الكبير .. يموت سعيدا لانه لم يبال بمنجل الموت الذي امتد ليجتث روحه قبل أن يكمل مسعاه .. يهمه فقط – أنه سعى لرسم حياته من جديد واستحق الموت السعيد لذلك..
هل تنتظرون إجابة للسؤال المعلق أعلاه مني ؟؟
لا أملكها .. فأنتم من عليه أن يُجيب بغية تقييم حياته .. عموما السؤال ليس سفسطائياً كما تخالون.. فكلنا ، مع كل إشراقة شمس؛ يملك حياة جديدة.. وعداً بالهرب مما يريد؛ والهرب لما يريد..
وقد تكتشف أنك لا تريد الهرب أصلاً .. بل إعادة تأثيث المشهد قليلاً بما يحقق لك الرضى والسعادة التي تداعب أحلامك .. ولكن كن على يقين ، يقين كامل غير منقوص، من هذه الحقيقة على الأقل:
لك ؛ على حياتك – سلطة تفوق خيالك.. يمنحنا الله لوحة واحدة بلى؛ ولكنه يمنحنا معها طيفاً من الألوان التي تنتظر فرشاتنا..
فارسم حياتك بجرأة؛ وإن لم تكن تعجبك اصبغها بالأبيض..
واشرع في الرسم مجدداً ..