رجال ارداهم قلبهم

بقلم : لميس ضيف

:للقلب والروح

رغم منعه من العرض في الصين.. فاز الفيلم الصيني «الحياة المسلوبة» بجائزة أفضل فيلم في مهرجان تربيكا السينمائي المقام في نيويورك الأميركية.. هو فيلم يحكي قصة طالب جامعي ضاعت حياته بسبب الحب.. وهو فيلم جدير بالتأمل.. يكشف اللثام عن نوع دامٍ من الحب..
نوع يشق الصدر كقطار الموت ويقلب معادلة الحياة. ورغم عمق الفيلم وأبعاده النفسية إلا أنه لا يضاهي – بالنسبة إلى محدثتكم على الأقل- عمق رسالة القصة الدرامية الحية، التي تابعها العرب قاطبةً على مدى أشهر ماضية ويبدو أن موعد إغلاق ستارها قد أزف..

كُتب الكثير عن قضية سوزان تميم والملياردير المصري هشام طلعت.. ولكني ما وجدت بين ما كتب ما أعطى الموضوع حقه كمثال شاهد عصري حي على ما قد يفعله الحب بحياة الرجل -وإن كان ضرغاماً- إن ما اخترق جلده ونفذ لقلبه.. 

قبل أيام فقط استقرَ حكم المحكمة على إحالة ملف القضية للمفتي الشرعي، وهو إجراء يعني الحكم بالإعدام.. في اليوم التالي نشرت الصحف الحالة التي بات فيها الملياردير ليلته.. إذ قيل إنه انخرط في بكاء هستيري وظل يتمتم بكلمات غير مفهومة طوال الليل.. ورفض الطعام الذي يُرسل إليه -منذ القبض عليه في أغسطس- من فندق الفورسيزون..!! 

الحكم هبط بالبورصة المصرية – لا بأسهم شركاته فحسب- فور صدوره.. فطلعت هو رأس من رؤوس الاقتصاد ومالك أكبر شركات العقار التي تساوي مليارات الدولارات.. يملك – وحده- أراضي مدينة الرحاب التي تتعدى مساحتها المليون متر مربع.. وأراضي مشروع مدينتي التي تتعدى الـ33 مليون متر مربع وتزيد قيمتها عن 55 مليار جنيه.. وأين! في بلد يعتبر توفير القيمة اللازمة لشراء قبر معضلةً تؤرق ملايين المواطنين!!

جازف هذا الرجل بنفسه وسمعته.. بل وبحياته؛ عندما ضرب جنون الحب خلايا عقله وحوله من ملك غير متوج إلى سجين يغشاه الذل.. ولم تفلح الـ70 مليون جنيه التي صرفها حتى اليوم على محاكمته في محو تبعات هذا الحب.. 

**********
شوف الحكايه يا وله 
شوف الحكاية
عشق الصبايا يا وله
طول معايا
منهم أسايا
وهما جرحي يا وله 
وهما دوايا 
وأحلف وإتوب وإن شا الله أدوب 
والشوق ورايا

– أحمد فؤاد نجم

********
قصة هشام مع الحب المجنون الذي لا يعرف الحواجز تشبه قصصا عدة حملها التاريخ لرجال خسروا حياتهم من أجل الحب.. ملك بريطانيا الذي تنازل عن العرش لعيون حبيبته.. الفارس الذي حارب جيشاً وعرض مملكته للغزو والدمار لأجل عشيقته المتزوجة..! قيس الذي ما بارح المضارب لعيون ليلى. الطبيب الذي أضرم النار في نفسه لفراق حبيبته.. كثيرون خسروا حياتهم لأجل الحب.. أو خسروهم وهم يطاردون سراب الحب.

على مستوى آخر رأيت في حياتي رجالاً عدة خسروا فرصاً كبيرة في الحياة لأنهم منشغلون عن كل أحلامهم بحلم واحد.. أن يطأوا مدينة الحب وإن طردوا منها مرات ومرات.. ولهذا يعيشون علاقات حب كزهرة الساكورا اليابانية: تنبت مع الفجر ويصرعها الليل.. للعلماء ما يقولونه في هذا المجال: فهم يشبهون تأثير الحب على خلايا الدماغ بتأثير المخدرات.. دوناتيلا مارازيتي من جامعة برا الايطالية أثبتت في أطروحة الدكتوراه التي قدمتها مؤخراً أن الحب يشل نشاط المخ ويجعله أكثر ارتخاءً؛ ويصيب بعض المناطق بالشلل التام كما و يدمر – كلفافات السجائر- بعض الدوائر الرئيسية في المخ !!ا

ويبقى السؤال الكبير معلقاً:
هل بات الحب في زمننا هذا خطراً*! 
أيعقل أن يكون بقاء القلب – كالكوخ المهجور الذي تسكنه عناكب الضجر- أفضل من إدمانه النبض بمشاعر قد تكون مهلكة!!
سؤال لا يملك المرء إلا أن يسأله وهو يرى ما جره عصف القلب على المحبين.