:للقلب والروح
بعد أن أضناه البحث وأنهكته العلاقات العاطفية الفاشلة التي قلمت أظافر أحلامه.. قرر ”لي ترونج” – 33 عاما – خلق زوجته بنفسه..
ولأنه ياباني، وجيناته قد جُبلت على الاختراع والتكنولوجيا، فقد سخر طاقاته لاختراع ”الأنثى المثالية”.. لم يعبأ بسخرية أحد ولم تثنه ضحكات موظفي البنوك الذين طلب منهم قرضاً عن عزمه.. باع سيارته واستدان.. وانكب على اختراعه ليل نهار حتى خلق زوجته الآلية ” الروبوت” وأسماها أيكو!!
هي؛ تقوم بكل الأعمال المنزلية طوال الـ 24 ساعة دونما تبرم.. لا تتحدث إلا إذا طلب منها؛ وتقرأ الجريدة بصوت عال وتجيد إعداد مشروباته. تشبع رغباته.. تلبي أوامره دون أن تصدر منها أية شكوى..!! تنطق 13 ألف جملة باليابانية والانجليزية وتحل المعادلات الرياضية أيضاً..!!
وليكتمل الحلم قام هذا الياباني الذي يقطن كندا؛ باستخدام السيلكون لصنع زوجته ومنحها مظهراً جذاباً.. وزودها بنظام مشاعر إنسانية يجعلها تتفاعل وتنفعل مع حركاته ولمساته..!!
مؤخراً فقط لما سئل عن علاقته بزوجته الآلية ” أيكو”؛ تلك التي كلفته 16 ألف يورو؛ وصف علاقتهما بالمثالية مردفاً أنه عانى كثيراً من الخيبات وغدر الخليلات.. مؤكداً أنه سعيد ومطمئن الآن لأنه يملك ” المرأة المثالية” التي تعمل على مدار الساعة ولا تتطلب ولا تتذمر أو تشكو.. أو تطلب إجازة..!!
الشركات الكندية واليابانية – بدورها- تهافتت على شراء براءة الاختراع.. ولعلنا سنرى قريباً ” نساء مثاليات” على واجهات المحال التجارية.. وربما تعرب لنا إحدى الشركات الصينية البرمجة فينطقنهن بالعربية!!
ولنضع التهكم والسخرية جانباً ونسأل:
أهذا هو حقاً ما يريده البشر في أعماق أحلامهم وجوف رغباتهم !!
شريك مثالي يشبه في تفاصيله أحلامهم بكل بدائيتها وخرافيتها..!! أهذا هو ما يريده جُل الرجال بشكل خاص: امرأة تعطي بلا حدود ولا تتبرم ولا تتذمر وتقدم الخدمات دون أخذ ورد..؟!
وعلى مستوى أعمق نسأل:
هل كل أولئك المعطلين دونما ارتباط.. هم ضحايا صورة الكمال المتوارية كالطفل المذعور في زوايا العقل الثاوي؟!
ماذا عمن أعدموا علاقاتهم رجماً وطووا ارتباطات خالوها أبدية.. ماذا عن المتدثرين ببطانية علاقات ترتعد فرائصهم تحتها برداً.. هل هم فعلاً عاثرو الحظ لا أكثر أم أن هناك احتمالا أنهم مجرد أسرى رغبات جامحة خفية في شركاء ” تحت الطلب” و”وفق المواصفات” فإن ما حجبته الحياة عنهم عاشوا في تعس وشقاء؟!
لا ريب أن للسعادة والشقاء ترمومترات شخصية تخضع لذائقة فردية يشكلها اللاوعي ويقذف بطابتها في ساحة الوعي الذي يُجبر على التعامل معها رغم حماقتها أحيانا؛ ولكن للتوقعات المسبقة مفعول الحمى على تلك الترمومترات.. شخصياً؛ انتمي للمدرسة التي تعتقد أن الشخصيات، كبصمات الأصابع تماماً، لا يشبه أي منها الآخر.. لذا فاحتمال مقابلة شريك يشبهك ويشبه تطلعاتك ضئيل جداً.. وحتى إن جاملك الزمان والتقيته فأنت بحاجة لجهد استثنائي لتؤطر هذا التوافق وتديمه وتخلق في رحمه سعادة تبقى.. ولسوء الطالع فأنت لست بحاجة – فقط – لأن تبذل هذا الجهد لتكون سعيدا.. بل بحاجة لان تجد شريكا مستعداً لبذل الجهد ذاته وإلا غدا جهدك ذاك مجرد محرقة للمشاعر والطاقة..!!
السعادة ليست في اجتماع ثنائي متشابه؛ بل في وجود ثنائي: راغب في التعايش والتماوج وبذل ما يلزم لإسعاد الشريك في معرض سعيه لتحقيق سعادته الشخصية.. ومن لا يعجبه ذلك؛ ويريد شريكاً على مقاسه يعطي ولا يأخذ ولا يشكي ولا يتبرم؛ عليه أن ينتظر إنتاج ”ايكو”.. بنسختها العربية..