:للقلب والروح
وشوش لها :
ليس في ما يُغريك ولكني سأقف معك في الملمات..
دخلت غرفة إبنها فوجدته يبكي بدموع أملح من مياه المحيطات..
قالت له : لا تحزن ..
أنا لك وحدك يا صغيري ..
وألغت الزفاف .. وفكرة الزواج .. ووضعت أنوثتها في صندوق..
ورمت المفتاح ..
مرت الأعوام واختار الدراسة في الخارج ..
قالت له :
… وأنا ؟
فقال لها :
مستقبلي يا أماه ..
وبعد أعوام قال لها أحببت زميلتي الشقراء..
وسأعيش معها هاهنا ..
كم هي جميلة هنا الحياة ..
فقالت له :
… وأنا ؟
فقال لها :
ما أغربك يا أماه.. ألا تفكرين إلا بنفسك
وكأنك مركز الكون .. أو محور الحياة !
كبرت في كل عام عامين..
وذوت من الوحدة.. ولما ماتت..
ماتت مرتين..
****
(2)
في حضرة التاريخ .. واللوحات.. والأمجاد..
قضيت يومي في متحف أنيق واسع الممرات..
فكرة واحدة استعمرتني :
كيف ضاعت حضارات وعلا كعب حضارات..
تخلدت ملامح القديسين ودموعهم ..
ومات السيافون ، وصدأت سيوفهم..
عاش رحيق العقول..
واندثرت قلاع القوة والمال..
****
ماذا سيبقى منا يا ترى للأجيال التي ستأتي ؟
سألت نفسي ..
ماذا سنورثهم غير الأسمنت والعداوات ..
أنقول لهم :
لم يكن همنا المنجزات ..
لم يشغلنا الفن يوما..
كنا مولعون بثياب الفنانات وأخبار الراقصات..
نفكر بالرفاهية ..
بقشور الحياة التي وقفنا على رصيفها ” كالإمعات ” ..
كنا عالة على العالم.. وعلى أنفسنا
عالة على التاريخ والحضارات
يسكننا الكسل والملل..
لأننا كائنات غير منتجة ، تفشت بها الآفات ..
ليس لدينا إرث يليق بكم ..
نحن ماضي تافه..
ينتظركم لتكونوا الغد الذي يجتاحنا بالفخر والمسرات…
****
(3)
أتذكرين ذاك اليوم من نيسان الحزين ؟
يوم صارحتني بنية الهجرة ..
والرحيل المبين..
قلت لي :
ليس لنا في هذه الأرض مستقبل
لا مكان لنا بين هذه الملايين ..
وُلدنا أقزام ، ولن نطول ..
في هذا البلد الذي لا ” يتضخم ” فيه مستقيم ..
بلادنا مستعمرة أمريكية ..
يُرمى لنا فيها بالملاليم
لنذهب ” نحن” لأمريكا ..
لنقتحم عالمهم الرصين ..
عالم النظام والكفاءة والموهبة
العالم الذي تُقدر فيه لأنك.. موهوب أمين ..
لكني كنتُ .. أضعف من أن أرهن للمجهول نفسي ..
وأعبر القارات مع فتاة مجنونة..
لم تحمل في حقيبتها إلا حفنة أحلام
كنت شجاعة يا سارة..
وكنت أنا الجبان ..
تركتك تذهبين وحدك ..
ووضعت حبي لك في ثلاجة..
صرت أنتي مهندسة قديرة
وضاع عمري في وظيفة حقيرة !
حتى شبابك ظل صامدا..
فيما ” كرشت ” أنا..
وانحنى ظهري وضعف البصر وشاخت البصيرة !!
****
(4)
في ثلاث كلمات ..
خيبتي فيك أم الخيبات ..
كنت أظنك رجل حياتي ..
ذاك الفارس الذي سينتشلني من الشتات..
لكنك كنت قسماً باطلاً..
معركة خرجت منها وقد هزمت نفسي بالثلاث !
****