اجتماعية ناقدة : كنت أمشي في شوارع ” أكتون” عندما خطر لي بأني سمعت صوت صلاة !
وكعود قصب يهفو لجذوره سارعت الخطى لأجد نفسي أمام مسجد في قلب مدينة الضباب..

وبفرحة من ربح يا نصيب هرعت وأخبرت طلبتنا في لندن بالمكان وحفزتهم على إستغلال الفرصة وتأدية صلاة الجماعة هناك لأفاجئ بردة فعل باردة ، ككل ما في لندن، منهم !
 وأمام أستنكاري أنهالوا علي بتجاربهم التي تتحدث عن مضايقات تعرضوا لها – في المسجد- بسبب إختلاف مذهبهم عن مذهب سواهم وهو ما لمسته بنفسي في الأسابيع التالية  !!

أيعقل ؟
… وأين ؟
… هنا  !!
أصدق هذا في عاصمة عربية حيث بلغ العته بالفرقاء مبلغه لكن.. في لندن !

سمعت من كثيرات – ومنهن والدتي بالمناسبة – عن حوادث مشابهة في دولنا ، حيث يسب الإمام في خطبته جماعة أو طائفة أو فصيلا سياسيا ويدعوا عليهم بالمرض والعقم والفاقة والدمار وعلى المصلين أن يرددوا خلفه ” آمين “..
سمعت من أحد الدراويش الذين يعملون في البناء أن قيم مسجد طلب منه أن يذهب لأحد ” مساجدهم ” وترك ” مسجده “.. ولكن هذا التخلف متوقع في دول ترضع التخلف من ضرع إعلامها الأعور ، لا في دولة كبريطانيا حيث تربى المسلمون في جو من التسامح سمح لهم بممارسة عبادتهم بأريحية .. !

ما علينا ..
 
قررت لغرض في نفسي الذهاب بحجابي لكنيسة St. Benedicts  القريبة من منزلي ، دخلت بتهد وتوجس و جلست – هكذا دون أن أفعل شيئا- ولم يكن الوقت وقت قداس بالمناسبة ما يرفع حتما درجة الريبة . كنت أريد أن أرى ان كان سيطلب مني أحد المغاردة، أو سيسألني عما أفعله – كمسلمة – في الكنيسة ، لكن الوقت مر ولم يخاطبني أحد !
تأملني البعض – نعم – وأطال بعضهم النظر لي ولكني لم أحصل على ردة الفعل التي توقعتها فعدت أدراجي .
 
****
 
صبيحة اليوم التالي قررت أن آخذ التجربة لمستوى آخر .. ذهبت لكنيسة أخرى St Andrews Church  وهذه المرة حملت معي مصحفا ، واخترت مصحفاً أخضراً ليكون واضحا للناظرين ، في العادة أكتفي بقراءة القرآن في برنامج الآيفون عندما أكون في القطار أو خارج المنزل ولكني – هذه المرة – أردت أن يعرف الجميع أني أحمل مصحفا..

دخلت الكنيسة وجلست ، أتعرفون كيف ينظر الناس لشخص ذو إعاقة جسدية شاخصة ؟
أعني.. يحملقون به ثم يشيحون بوجههم سريعا تفاديا لجرح مشاعره ؟
هكذا كان يُنظر لي في أسوء الحالات ..

عموما بعد قرابة ساعة إقتربت مني إنكليزية كبيرة في السن ، من أولئك الذين يتكئون على كل حرف وكأنهم يخشون فقدانه ، إبتسمتُ بشماته وهاجستُ نفسي :
أخيراً .. ليسوا بأحسن منا ولو تصنعوا ؛ إنها النفس البشرية التي تبغض كل مختلف عنها ولكنها “سحقت” إكتشافي الفذ عندما فتحت فمها وسألتني ” Would you like some tea? “

شكرتها بإرتباك وخرجت مقهورة مكسورة الخاطر ..
أيعقل أن يفهم – ويمارس – هؤلاء مبدأ ” لكم دينكم ولي دين ” الإسلامية فيما ندوسها كل يوم نحن المسلمين !! أيعقل أن يضيق المسلم بالمسلم ويشتمه ويؤذيه في بيت الله ومن على منبر رسوله (ص) ، فيما يتقبلنا غير المسلمين ويسمحون لنا بممارسة شعائرنا بكل أريحية في بلدانهم ؟
فعلا..
ما أقبح واقعنا .. وما أبعده عن الإسلام والإنسانية