اجتماعية ناقدة : عاماً بعد آخر تهاوت هذه الصورة تحت رقع التجارب المريرة . إعلاميون وإعلاميات كنت أقدرهم عاليا فلما قابلتهم اكتشفت أن كنت مبهورة بعلبة أجمل مما بداخلها !! لكن الخيط الرفيع لتقديري للمهنة ظل موجوداً .. وإيماني بها كقوة تغيير بقى صامداً في وجه الزمن ، لكن الربيع العربي جاء ليخبر الإعلام العربي من جديد وقد فشل في الامتحان فشلاً ذريعاً !
لقد علقت الجماهير ، التي فقدت ثقتها في الإعلام الرسمي ، آمالها على الإعلام المستقل ، وكنا نتوسم في الحرفية التي نراها فيه الخير ، حتى وظف نفسه ” بفجاجة ” في الصراع السياسي. والتحريض على العنف والكراهية والتخلي عن المهنية والموضوعية . لذا أردد أن الأنظمة المستبدة ليست وحدها من أسقطته الثورات ، بل وأسقطت أيضا الكثيرين في امتحان المصداقية بعد أن مارسوا الذرائعية بشكل فاضح ..
****
لم أتخيل يوما أن أسمع في قناة عربية تحية للجيش الإسرائيلي لمجرد أن بعض الفصائل الفلسطينية تؤيد طرفاً دون آخر في اللعبة السياسية ! لم أتخيل أن أسمع مذيعاً لامعاً وهو يقول “الناس ذي لازم تنتهي تماما، الشعب دا يستحق فعلا ما جرى له عبر العقود الماضية ” !
فقد قاد الإستهتار الأخلاقي بعض ” نجوم الإعلام ” للقفز على كل المسلمات التي نعرفها .. وقد سقطت قنوات بأكملها في فخ تزييف الحقيقة .. فالتظاهرة التي تتناغم مع مصالحهم السياسية تُضخم ، والحراك الذي لا يناسبهم يُهمش..
للرأي مساحته في الإعلام ، وللخبر والتغطية مساحتها .. ومصيبة أن يُخلط الإثنان وتكون الحقيقة هي الضحية.
**** في أكتوبر 2011 قدم الإعلامي اللامع يسري فودة إستقالته على الهواء مباشرة إستنكاراً لتهديده والضغط عليه ومتى ؟! بعد عام من سقوط نظام حسني مبارك ، في رسالة صارخة على ما يعانيه الإعلامي النزيه في هذه المحطة المخجلة من تاريخ الإعلام العربي .
لذلك أتى الإعلام الإجتماعي ليفرض واقعاً جديداً .. فخلال أقل من عامين ، قفز عدد مستخدمي الفيسبوك من 19 مليون في الوطن العربي لـ 39 مليوناً ..وكان عدد المشتركين في الأشهر الأولى لإنطلاق الثورة يزيد بمعدل 58 ألف مشترك يومياً .. فالجماهير إستخدمت الفيسبوك وتويتر كتقنية ميديولوجية.. كتقنية ثورية امتعاضاً على إستهتار الإعلام العربي بالمهنية والذائقة.
لقد سقط الإعلام العربي سقوطاً مدوياً نقول .. وهناك مرشحون متأهبون للإنقضاض على العرش بأقل التكاليف .. وعلى الإعلاميين أن يتأهبوا .. لا لخسارة مكانهم فحسب .. بل لحساب عسير يوم تفرغ الجماهير من ثورتها ..
فالقنوات التي خذلته والقنوات التي إستثمرته والإعلاميون الذين تسلقوا جراحه لن يكونوا بمأمن من حساب الشعوب وسخطهم