مقالات ساخرة : لامني أحدهم بشدة وتقريع :
يا أختي الكريمة ، كاتبة وطنية عربية مثقفة مثلك ، أيعقل أن لم نقرأ لك يوما مقالا عن معاناة فلسطين !!
الكل يكتبُ.. وله في ذلك معلقات إلا أنت .. معقول ؟ كيف تقاعست عن الكتابة عن قضية العرب الأولى !!
فأجبت بهدوء الواثقين :
ولم الكتابةُ وأنا أرى تمام المسير وغياب التقصير..!
من جهتنا بعثنا لهم مراراً شحنات الحليب والطحين ومعلبات التونة والفاصوليا والمعكرونة – بأنواعها- وشاي بوفتلة والبندول والشاش والأجبان وأضفنا لها بعض البطانيات؛ فغزة -والله أعلم- تشهد مجاعةً لا حرباً !!
لم نكتب؟ وعلام التباكي وجلد النفس!! لقد فعلنا كل ما يمكن فعله للكيان عربي يقاوم الإبادة ولضلع من جسد الأمة يكاد أن يُبتر.. أتنكرون بأننا سجلنا مواقفنا قبل غيرنا !! وشجبنا، بكل دعة ووداعة، الموقف الإسرائيلي وطالبنا العالم – بكل دعة ووداعة- أن ينصف غزة ودون أن نجرح مشاعر ” من يش�’د ظهر إسرائيل ” !
كما وأننا للعلم نخطط -ومن غير تقديم على الله- لقمة عربية سنبدؤها ونختمها بالشعارات فارغة، وبتراشق الكلمات والتهم وبالطبع.. بالمزيد من تسجيل المواقف!!
صدقوني .. لو كنت أرى تقصيرا في حق فلسطين لكنت أول المنتقدين ، ولكن الأمور “تمام التمام” ..
أتنكرون أننا أرسلنا وفودنا لنيويورك لنبحث معهم صلح النعاج مع الذئاب..!! وذهبنا – باحترام وكرامة- لنضغط عليهم ”بالكلمة الطيبة” عبر استرحام من خُضبت أيديهم بدمائنا واستثارة شفقتهم على الدم الفلسطيني.. فالتهديد بالقوة في زمن القوة ليس من شيمنا.. ثم إن عدتنا وعتادنا الصدئ لم يُشتر ليوجه لهم –أبدا حاشا – بل للحمقى من أبناء الشعوب العربية الذين يطوف بهم طائف يمنيهم بالتمرد: لأن هؤلاء – وهؤلاء فقط – هم الخطر الحقيقي المحدق بالأنظمة والشعوب!!
ماذا تريدون من العرب أكثر مما قدموه؟!
منذ أن استعرت حرب الإبادة وكل أجهزة إعلامنا وصحفنا تكتب و”تحلل” الموقف للفلسطينيين.. فهذا هو بالضبط ما تحتاجه غزة: محطات ”عربية” موجهة ”للعرب” تستضيف مفكرين وسياسيين ”لتحليل” المواقف على مدار الساعة. من جهة لأن الإخوة في فلسطين بأمس الحاجة لتحليلاتنا ونصائحنا ”الفذة” لتعينهم على آله القتل الصهيونية التي تسحق عظامهم ليل نهار؛ ومن أخرى لتتضح ظلامة الفلسطينيين.. للعرب!!
بالطبع ندرك بأنه كان من الأفضل لو كنا نملك قنوات تبث بلغات أخرى لنقل وجهة نظرنا للعالم في هكذا مواقف ولكن الدنيا تلاهي!! فقد فاتنا ونحن ننفق المليارات لتأسيس قنوات الشعر والتسلية والمجون والثرثرة أن نعد العدة لهذا اليوم، ولكننا نع�’د بأننا، في المجازر القادمة؛ سنكون أعلى جاهزية وسنستعد ولو بقنوات إذاعية!!
لا نتحامق صدقونا.. فكرنا بالمقاطعة كشعوب ولكننا سلكنا هذا الطريق من قبل فما احتملناه؛ فمفارقة السجائر والكنزات والهمبرجر ليس بالأمر الهين..!! ثم إننا لا نلمك مليارات تحرك السوق والبورصات والشركات متعددة الجنسيات ولا نملك نفطاً لنهدد به ولا نملك شبابا مستعدين للجهاد لنزج بهم .. ربما يعتب علينا البعض ويقول إننا قدمنا رؤوس أطفال غزة على صوان وشربنا النخب مع الجناة.. ولكننا بذلنا ما في المستطاع صدقونا؛ ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها !!
_______
هامش:
طفح الكيل.. وقد آن لكم أن تسمعوا قولاً ثقيلاً
إننا لسنا نرى مغتصب القدس.. يهوديًا دخيلاً
فهو لم يقطع لنا شبرًا من الأوطان
لو لم تقطعوا من دونه عنا السبيلا
أنتم الأعداء
يا من قد نزعتم صفة الإنسان .. من أعماقنا جيلاً ..
فجيلا..
احملوا أسلحة الذل وولوا .. لتروا
كيف نُحيلُ الذلَ�’ بالأحجار عزًا .. ونذلُ�’ المستحيلا
– احمد مطر (بتصرف)