عين على الفساد : أفادنا شهود عيان بأنه؛ وفي فجر الثلثاء الموافق 7 يوليو/تموز الجاري، قامت قوات الأمن بدهم أحد فنادق النجوم الثلاث في القضيبية وقبضت على 47 فتاة في ملهى الفندق (الديسكو) لمخالفتهم قانون الإقامة. الأمر ذاته تكرر عشية الرابع عشر من الشهر الجاري وتم القبض على 17 فتاة هوى بالتهمة ذاتها «وهذا هو المتيسر فإثبات قضايا الدعارة أكثر تعقيداً».. نبأ كهذا لا يبدو غريباً على مواطني بلد تعتمد سياحتها على الخصور والمناهل والكحول وليس فيه من – ظاهرياً – جديد، إنما فلنفكك الخبر قليلاً لنلقي بشظاياه في ضمائر المسؤولين.
عندما تقوم الشرطة بدهم فندق بعينه في ليلة غبراء، ويأتي – متهيئاً – بحافلات لتحميل عشرات الغانيات، فهذا يعني قطعاً أنهم راقبوا المكان ودرسوه لأيام – أسابيع على الأرجح – ليتيقنوا بأن أولئك الفتيات لس�’نَ مجرد زبونات، بل «عاملات».. وعليه – ومن تواتر هذا الكم من الفتيات على الموقع ذاته ليلياً – لا يمكننا أن نصدق أن أصحاب الملهى لا يعلمون – ويشجعون – ما يدور في ملهاهم كل ليلة.. وبالتالي فهم شركاء في الجرم.. متواطئون – على أقل تقدير – في التستر على من لا يملكن إقامات شرعية.. ومع كل هذا وذاك فقد أخليت مسؤولية الفندقين تماماً ولم توجه لهما – ولا لمديرهما الأجنبي – أي تهمة من أي درجة.

ثم؛ من هؤلاء الفتيات؟ ألس�’نَ هن العاملات في فنادق النجمة والنجمتين اللواتي شر�’دتهن قرارات السياحة القاضية بإغلاق مرافق فنادقهن؟ لمَ لم�’ يرحلن لليوم مادامت المرافق التي استقدمتهن قد أغُلقت؟ وهل ينتظر المعنيون في الإعلام وإدارة الجنسية والجوازات والإقامة أن يجمعوهن «بالقطارة» عوضاً عن أن يجبروا كفلاءهنَ�’ بترحيلهن وفق إطار زمني معين؟ وأين يتوقع الأفاضل في الجهتين أن يذهبن الآن بعد إغلاق ديسكواتهن؟ أللعمل في محلات تسجيلات إسلامية أو للتطوع في جمعيات خيرية؟

قلناها سلفاً، هؤلاء بنات هوى.. أغلقتم المكان الذي كان يضمهن ويوفر لهن المال والمأوى وهن الآن طليقات.. لا يملكن ما يعتشن عليه سوى هذا الجسد.. والواقع يقول اليوم، إن فنادق النجوم الثلاث والأربع قد استنفعت – عالياً – من إغلاق الفنادق الأقل تصنيفاً «ولن نقول فئة الخمس؛ لأنها تابعة لشركات عالمية ذات نظم ومعايير».. فخلافاً لما تأملنا، لم تتعظ تلك الفنادق مما حصل لأقرانها ولم «تلم الدور» كما توقعنا؛ بل كثفت أعمالها المشبوهة مستغلةً انتقال زبائن المنكر لهم؛ وحاجة فتيات الملاهي المعطلة.. لمقر يدرن منه أعمالهن.

بالطبع، قرار استهداف فنادق النجوم الثلاث والأربع – بالمخالفات حتى وليس بالغلق – ليس بقرار سهل، وتصفُحُ أسماء ملاك تلك الفنادق كفيل بتبرير السبب.. فالناظر للقائمة الحصرية التي بين أيدينا، والتي تضم أسماء ملاك 193 منشأة بين فندق وشقق مفروشة، يستطيع أن يستشف سبب حصانة تلك المنشآت.. فالتراخيص مدرجة بأسماء نساء مصونات من عائلات معروفة ورجال لا يقلون عنهن ثقلاً. بالطبع ليسوا هم/هن من يدير تلك المنشآت، بل هم مجرد جباة لأموال التأجير الخرافية التي يستحصلونها من المستأجر (الأجنبي في العادة) لا مقابل التصريح أو المبنى، بل مقابل الحماية التي تتجلى أهميتها في ساعات الضيق والعسرة.

لا نتوقع من المعنيين في «السياحة» و«الإجوازات» أن يشهروا سيوفهم في حرب مع أسماء كهذه، فلسنا حالمين وفط�’نا القصص الخرافية منذ زمن بعيد، ولكن القبض على الفتيات وإخلاء هؤلاء من أية مسؤولية هو جهد مبتور.. بل عقر لجهود تطهير السياحة.. فقرار إغلاق فنادق النجمة والنجمتين كان قرار حصيفاً، ولكنه خطوة لا يجوز التوقف بعدها، فتقويض الدعارة وتجميل السياحة حلم لا يتأتى باجتثاث الأذناب فقط.. وترك الرؤوس.