عين على الفساد : ما سنتناوله هنا تخبط كلف بنك التنمية 3.484 مليون دينار خلال عام.. والإطاحة بمستقبل كفاءات بحرينية وضرب مصالح عائلات جراء التخبط وسوء التخطيط والتنفيذ..

في 2007 قام بنك البحرين للتنمية بحملة إعلامية مكثفة للتسويق لبرنامج تدريس الطيارين في الأردن مغرياً الراغبين في احتراف الطيران بمنحهم قروضاً ميسرة مع وعود بتعيينهم مباشرة في طيران الخليج أو تأهيلهم للعمل في شركات الطيران المتزايدة في المنطقة في حال وجود فائض.. وسميت المهنة في الإعلانات والمطويات ”بمهنة الأحلام” ولم يوفر القائمون على البرنامج فرصة إلا وذك�’روا فيها الطلبة بالامتيازات المجزية والراتب الذي رد�’دوا بأنه سيصل لـ6 آلاف دينار في ظل أزمة الطيارين الوشيكة التي يتنبأ بها خبراء النقل في ظل طفرة النقل الجوي وازدياد الطلب العالمي على الطيارين..

القرض كبير.. ولكن بريق المهنة كان أكبر ما دفع حوالي 120 عائلة لتسجيل أبنائها سيما بعد أن أعلنت الناقلة الوطنية ”طيران الخليج” عن حاجتها الملحة لما لا يقل عن 200 طيار خلال السنوات الثلاث المقبلة. 
بدا كل شيء حالما؛ واعدا ومعداً بدقة.. بيد أن الدفعة الأولى التي عادت ”ومن أعقبها” اصطدموا بقرار من الناقلة الوطنية يقضي بإيقاف تدريب الطيارين الدارسين على حسابهم الخاص والاكتفاء بتعيين الطيارين المدربين ذوي الخبرة فقط ”أجانب بطبيعة الحال”.. لم يكتفِ هؤلاء بإيقاف برنامج تدريب الطيارين بل باعوا أجهزة المحاكاة المستخدمة للتدريب لقطع دابر أية مطالبات بالتراجع عن القرار..!!

المفارقة أن ممتلكات أنشئت في الوقت عينه ”أكاديمية الخليج للطيران” لتدريب مزيد من الطيارين؛ في وجود هؤلاء الطيارين المعطلين، علما أن طيران الخليج لم توقع بعد عقداً مع الأكاديمية بشأن توظيفهم ولم تعلن عن رغبتها في توظيف دفعات جديدة.. بعد!! بمبادرة منفردة؛ سمعنا أن ”تمكين” عرضت تمويل تدريب خريجي الأردن عبر منحهم قرضاً يصل لـ15 ألف دينار ”ستضاف للقرض الأول من بنك التنمية الذي يصل لـ30 ألف دينار” ومنح القرض مشروط بحصول الطيار على عرض عمل مؤكد من طيران الخليج!!

أسئلة هنا تحتاج لإجابات:
* لماذا تستنزف شركة وطنية المال العام وتعدل خططها الاستراتيجية بفرقعة إصبع وتطبق القرار بأثر رجعي دون التفكير بمصالح الأهالي الذين تحملوا قروضاً باهظة من أجل سراب ساهمت -هي- في تسويقه.. ولماذا تمنح طيران الخليج الضوء الأخضر لبنك التنمية إن كانت في غنى عن هؤلاء الخريجين؟!
* لماذا لم يتم إيقاف برنامج تأهيل الطيارين لحين حلحلة المشكلة عوضاً عن تخريج مزيد من الطيارين العاطلين؟ 
* لماذا ستقدم أكاديمية الخليج للطيران على تدريب 100 طيار جديد حسب خطتها المعلنة لـ2010 وهناك أكثر من 100 طيار عاطلين عن العمل؟!
* والأهم؛ لماذا تعفُ�’ طيران الخليج عن هذا الكم من الطيارين الخريجين ”وبعضهم اجتاز امتحاناتها” وفي الوقت نفسه تشكو وتتذمر دوماً من شح الطيارين وكثرة الاستقالات في تصريحات آخرها نشر قبل أيام؟

يصح أن يرى الموضوع من زاوية مصالح هؤلاء الطيارين الملزمين بدفع قسط لا يقل عن 600 دينار شهريا وهم عاطلون.. ويصح أن نراه من زاوية الأسى على مواردنا البشرية الوطنية المعطلة التي تطمح لمستقبل مشرق فتصطدم، لا بغياب شبكة من المؤسسات الداعمة للكفاءات الوطنية الشبابية، بل بوجود تضارب في السياسات والأهداف المعلنة.. في بلادنا تُطرح الكثير من البرامج والخطط الطموحة؛ ولكنها تغدو وبالاً في ظل غياب الرؤية والجدية والتبدل الدائم للخطط والمصالح والوجوه؛ كفاءاتنا تسد عين الشمس؛ ولكن ما من جهات تحتضنها وتستثمر فيها وتستثمرها..!!