عين على الفساد : في مبادرة محمودةٍ رائدةٍ.. أنشأت وزارة التنمية الاجتماعية قبل سنوات ”دار الأمان” أول دار إيواء مجانية لضحايا العنف الأسري بغرض تقديم خدمات واستشارات لهذه الفئة ومساعدتها على النهوض بأوضاعها بعد انتشالها من البيئة التي تعرضت فيها للعنف.. ولكن؛ وكالكثير من مشاريعنا الجيدة؛ تعثر هذا المشروع بسبب إيكال مسؤولية إداراته لغير أهله، ما حول الدار من دار أمان – لدار قهر – للمعنفات اللواتي لم يدخلنها أساساً إلا هروباً من الظلم والقهر والتعسف..!!
ما ستسمعونه لاحقاً ليس نسج خيال بل شهادات موثقة لموظفات ونزيلات هربن من عنف لعنف.. إذ تفرض عليهن قوانين صارمة لا عد�’ لها ولا حصر؛ ومن تعصي منهن تعاقب بالحرمان من الطعام وهو ما لا يحدث حتى في السجن المركزي!!
ولهذا السبب بالذات نجد الدار التي صممت لتسع 200 حالة ليس بها حالياً إلا 13 حالة فقط 8 منهن أجنبيات مودعات هناك لحين أن يأزف موعد تسفيرهن.. فما من أحد – إلا المنقطة البائسة اليائسة- يرتضي أن يعيش بإرادته في سجن.. وذنبه أنه ضحية!!
ليتسع صدركم لما سيقال من شهادات حي�’ة لنسوة قست عليهن الحياة فتعلقن بحبل الدار قبل أن يلتف عليهن كالمشنقة.. فالملف كبير وتفاصيله موجعة.. سنؤطرها ها هنا على شكل محاور لنهبها لسعادة وزير التنمية د.فاطمة البلوشي التي نعلم عنها إخلاصها، ونثق بأنها لن ترتضي ما يجري بالدار من عسف وظلم.
أولاً: سجن دون محاكمة
صممت الدار في الأساس لإيواء المعنفات ومعالجتهن من الندوب النفسية والجسدية التي لحقت بهن جراء العنف والاضطهاد وسلب الإرادة لسنوات طويلة.. ولكن النزيلات يفاجأن بأنهن يعاملن كالسجينات تماماً.. إذ يُفرض عليهن النوم والاستيقاظ بأوان.. ومن لا ترغب منهن بالنوم عليها أن تطفئ الإنارة فالقراءة والأحاديث ممنوعة بعد الثانية عشرة؛ كما أن التجمعات بأشكالها ممنوعة ”فقانون التجمعات الذي لا يطبق في الخارج مطبق في الدار”.. مقابلة الزوار محددة بساعة لا أكثر يومياً وبحضور مشرفة من الدار لتسمع ما يقال !! فرغم أن زوار النزيلات هم في الأغلب الأعم بناتهن وأبناؤهن إلا أن الانفراد بهن ممنوع.. ومن تخالف أو تجادل تحرم من الزيارة أو من الطعام!!
كلام لا يصدق نعم.. ولو لم يتواتر على لسان النزيلات وبعض الموظفات المستاءات من مجريات الأمور لما صدقنا أن هناك من يتعامل بهذه الطريقة الفجة ومع من؟! مع نساء محطمات، ما دخلن الدار وصبرن على مُرِ�’ها إلا لمرٍ�’ أكبر منه وأوجع!!
معنفات أم مشبوهات؟!
رغم أن النسوة اللاتي يودعن في الدار هن غالباً نساء في منتصف العمر.. وكلهن ربات أسر رشيدات ومسؤولات عن أنفسهن إلا أنهن يعاملن كالقاصرات أو بمعنى أدق كسيئات السمعة!!
ففي مهاجع الطالبات مثلاً؛ حيث الغالبية لم يصلن بعد لسن الرشد؛ يفتح المهجع صباحاً ويقفل ليلاً وللفتاة/ الطالبة أن تتحرك كيفما شاءت خلال تلك الساعات.. أما المعنفات اللواتي يودعن في الدار فهن محرومات من حرية التحرك حتى لحديقة الدار..!!
وعلى من ترغب منهن في الخروج – ولو لموعد طبي- تقديم طلب مشفوع بالمبررات سلفاً، وليست هناك معايير لقبوله ورفضه..فالقبول والرفض رهن بمزاج المناوبة ومديرة الدار.. ورهن بمدى ”الرضا” عن النزيلة من عدمه!!