إعلامية بحرينية، باحثة، وناشطة حقوقية كرّست مسيرتها المهنية لكشف الحقائق وطرح القضايا المسكوت عنها في العالم العربي.
إن مسيرة لميس ضيف المهنية لم تكن وليدة الصدفة، بل هي نتاج أساس أكاديمي متين وشغف مبكر بمهنة الصحافة. بدأت خطواتها الأولى في عالم الإعلام في وقت مبكر جداً، حيث عملت في مجلة “صدى الأسبوع” البحرينية وهي لا تزال على مقاعد الدراسة الثانوية، مما يكشف عن دافع فطري وطموح لا حدود له. واصلت هذا الشغف أثناء دراستها الجامعية في الكويت، حيث عملت في الصحافة الكويتية لتصقل موهبتها بالخبرة العملية.
يستند طرحها النقدي وتحليلها العميق على تحصيل علمي واسع ومتخصص، حيث بنت مساراً أكاديمياً يعكس استعداداً استراتيجياً للمعترك المهني والفكري الذي اختارته. تتضمن مؤهلاتها العلمية:
بكالوريوس الآداب في الإعلام والعلوم السياسية من جامعة الكويت، وهو ما منحها الإطار النظري لتحليل بنى السلطة والخطاب الإعلامي.
دبلوم الدراسات العليا في الإعلام من جامعة القديس يوسف في لبنان.
دبلوم الدراسات العليا في الإعلام من الجامعة الأهلية في البحرين.
ماجستير العلوم في التشريعات الإعلامية من الجامعة الأهلية في البحرين. لم يكن هذا التخصص مجرد درجة علمية، بل كان تسلحاً بالمعرفة القانونية التي مكنتها من خوض المواجهات التي أثارتها كتاباتها، خاصة تلك التي انتقدت فيها الفساد في السلطة القضائية، حيث صرحت لاحقاً بأنها “ملمة بقانون الصحافة” وتعرف الحدود التي تتحرك ضمنها.
ماجستير في الإعلام والعلاقات العامة من جامعة القاهرة.
دكتوراه الفلسفة في الإعلام والاتصال الجماهيري من جامعة هل (University of Hull) في المملكة المتحدة. كانت أطروحتها بعنوان “دور وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها في التغيير السياسي”. لم تكن هذه الأطروحة مجرد بحث أكاديمي، بل كانت استكشافاً نظرياً للأدوات ذاتها التي أصبحت لاحقاً سلاحها الأساسي لمواصلة عملها الصحفي ورسالتها الحقوقية بعد أن حُجبت عن المنابر التقليدية، مما يثبت أن مسارها الأكاديمي كان دائماً مرتبطاً بواقعها العملي وتحدياته.
إضافة إلى ذلك، عملت كأستاذ غير متفرغ في قسم الإعلام بجامعة البحرين وجامعة المملكة، مما رسخ مكانتها كباحثة وأكاديمية تساهم في نقل المعرفة إلى الأجيال الجديدة.
قبل أن تصبح وجهاً تلفزيونياً معروفاً، بنت لميس ضيف سمعتها من خلال قوة قلمها. على مدى سنوات، أصبحت واحدة من أبرز كاتبات العمود في منطقة الخليج، حيث تميزت كتاباتها بالجرأة والأسلوب النقدي اللاذع الذي يمزج بين التحليل السياسي والسخرية الاجتماعية.
نشرت مقالاتها في عدد من الصحف الخليجية المرموقة، منها صحيفة “الأيام” و”أخبار الخليج” و”الوقت” في البحرين، و”اليوم” السعودية، و”القبس” و”الرأي” الكويتيتين. اشتهرت بعمودها “على الوتر” في صحيفة “الأيام” البحرينية، بالإضافة إلى عمودها الأسبوعي واسع الانتشار في صحيفتي “اليوم” السعودية و”الرأي” الكويتية، والذي كان يتابعه الآلاف في الخليج.
لطالما أثارت مقالاتها الجدل في الشارع البحريني والخليجي، واستقطبت قاعدة جماهيرية واسعة في أوساط الشباب والمثقفين والجمهور العام الذين وجدوا في كتاباتها صوتاً يعبر عن همومهم وتطلعاتهم. لم تتردد في الخوض في مواضيع حساسة، وهو ما عرضها لمواجهات مباشرة مع السلطات. أبرز هذه المواجهات كانت القضية القانونية التي رفعت ضدها بعد نشرها سلسلة مقالات كشفت فيها الفساد المستشري بين بعض القضاة. ورغم خطورة التهمة، تم تعليق القضية بفضل ضغوط مكثفة من منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية التي تضامنت معها، في شهادة على حجم تأثيرها والمصداقية التي تتمتع بها.
تتلخص فلسفتها في الكتابة بأن مشروعها الإعلامي “يتعدى ذاتها ومصالحها”، وهو ما استشعره القراء وقابلوه باهتمام ودعم غير محدود.
شكل برنامج “ملفات محظورة” الذي أعدته وقدمته لميس ضيف على شاشة تلفزيون “الراي” الكويتي الخاص، نقطة تحول ليس فقط في مسيرتها المهنية، بل في المشهد الإعلامي الخليجي ككل. كان البرنامج بمثابة عملية اقتحام جريئة للمناطق المحظورة في الخطاب الإعلامي السائد، حيث تناول بجرأة غير مسبوقة قضايا كانت تعتبر من التابوهات الاجتماعية والسياسية.
تطرقت حلقات البرنامج إلى مواضيع صادمة ومسكوت عنها مثل الفقر المدقع، والفساد المالي والإداري، وسوء توزيع الثروة، والاستغلال الجنسي، والسادية، والطبقية، واستعباد العمالة الوافدة، بالإضافة إلى قضايا اجتماعية معقدة مثل معاناة النساء الخليجيات المتزوجات من أجانب.
لم يكن البرنامج مجرد عرض للمشاكل، بل كان ابتكاراً في أسلوب المعالجة التلفزيونية. تميز بإيقاعه السريع وتركيزه على الحالات الإنسانية، حيث أعطى مساحة واسعة للضحايا ليروا قصصهم بأنفسهم، مع مداخلات خاطفة ومؤثرة من الخبراء والمحامين والمسؤولين. كانت رسالة البرنامج، كما وصفتها ضيف، هي تسليط الضوء على “شريحة مغيبة عن الذاكرة” و”كسر حاجز صمت الخليجيين”.
إن اختيار منصة كويتية لبث البرنامج كان قراراً استراتيجياً مكنها من تجاوز خطوط الرقابة المحلية المحتملة، وسمح لها بمخاطبة جمهور خليجي وعربي أوسع. أحدث البرنامج ضجة واسعة وحقق نسب متابعة عالية، ونال استحسان الجمهور الذي رأى فيه نافذة صادقة على واقع مجتمعاتهم. وفي المقابل، واجهت ضيف انتقادات تمحورت حول “أسلوبها الأرستقراطي” في المظهر والحديث، الذي اعتبره البعض غير منسجم مع القضايا الشعبية التي تطرحها. لكن هذه الانتقادات بالذات تسلط الضوء على جوهر رسالتها، فهي تبرهن على أن الدفاع عن المظلومين ليس حكراً على طبقة معينة، بل هو واجب إنساني وأخلاقي. وقد ردت على ذلك بالقول إنها تفتخر بالدفاع عن قضايا تمس غيرها، معتبرة أن تجاهل آلام الآخرين لمجرد العيش في راحة هو جريمة بحد ذاتها.
لم تكن لميس ضيف مجرد صحفية ناقدة، بل كانت ناشطة حقوقية فاعلة منذ بداياتها. يظهر ذلك جلياً في عضويتها في مجلس إدارة جمعية الصحفيين البحرينية لثلاث دورات متتالية، ودورها في تنظيم حملات خيرية لمساعدة الأسر المحتاجة والطلاب المحرومين من البعثات الدراسية بسبب انتمائهم الطائفي.
إلا أن أحداث الربيع العربي في البحرين عام 2011 شكلت نقطة تحول جذرية في مسيرتها، حيث انتقلت من موقع الكاتبة الناقدة إلى صفوف المعارضة الصريحة. تصف هذا التحول بنفسها قائلة إنها لم تصنف نفسها يوماً كـ”كاتبة معارضة من أجل المعارضة”، بل كانت تثني على الحكومة حين تحسن وتنتقدها بقسوة حين تسيء، لكنها “تحولت إلى معارضة عندما وجدت الهمجية في التعامل” مع المحتجين.
بسبب مواقفها المؤيدة للحراك الشعبي، دفعت لميس ضيف ثمناً باهظاً. تعرضت لحملات تشويه وتهديدات، وأُحرق منزلها، وتم تهديد أفراد عائلتها واعتقال بعض أصدقائها وتعذيبهم. استُدعيت للتحقيق، ومُنعت من الكتابة، وفي النهاية، لم تجد خياراً سوى مغادرة وطنها لتعيش في المنفى.
ومن المنفى، تحولت أدواتها. أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، التي بحثت في تأثيرها في رسالة الدكتوراه، هي منبرها الأساسي. سخرت حساباتها على تويتر وفيسبوك ومدونتها لتصبح “صوتاً لشعب البحرين في العالم”. وقد حظي نضالها باهتمام دولي، حيث اختارتها شبكة CNN كواحدة من ثماني نساء اعتبرتهن “عناصر تغيير في مجتمعاتهن”، كما خاطبت منظمة “فريدوم هاوس” الحكومة البحرينية لحمايتها.
تجسد مقولتها التالية جوهر تضحيتها: “لا أستطيع أن أعيش حياتي وأنا أعلم أن شعبي يتعرض للقمع بهذا الشكل وأنا لا أقول أو أفعل شيئاً… لم أعد أهتم بمستقبلي. أنا أهتم بهؤلاء الناس”.
يُعرف عن لميس ضيف أسلوبها الكتابي الذي يجمع بين الجرأة في الطرح، واللغة الساخرة اللاذعة، والعمق في التحليل. يهدف هذا القسم إلى توفير أرشيف شامل ومصنف لأعمالها المكتوبة، مما يتيح للباحثين والقراء استكشاف فكرها ورؤيتها عبر السنوات.
تكشف هذه النماذج عن خيط فكري ناظم في كل كتاباتها، وهو الدفاع عن الفئات المستضعفة في مواجهة أنظمة القوة، سواء كانت سلطة سياسية، أو قضائية، أو حتى اجتماعية أبوية.
يقدم هذا القسم محفظة إعلامية متعددة الوسائط توثق مساهمات لميس ضيف التلفزيونية، سواء كمعدة ومقدمة برامج أو كباحثة ومحللة سياسية.
برنامج “ملفات محظورة” (تلفزيون الراي): يُخصص لهذا البرنامج مساحة بارزة تتضمن شعاره، ووصفاً تفصيلياً لمفهومه وتأثيره، مع عرض لمقاطع فيديو من أبرز حلقاته التي ناقشت الفساد والفقر والقضايا الاجتماعية المسكوت عنها في الخليج.
برنامج “محطات” (قناة اللؤلؤة الفضائية): معلومات عن البرنامج الحواري الذي أخرجته وأنتجته من لندن لصالح قناة اللؤلؤة الفضائية بين عامي 2013 و2014، والذي استضافت فيه شخصيات متنوعة لمناقشة قضايا سياسية وحقوقية.
مركز الجزيرة للدراسات: تسليط الضوء على فترة عملها كباحثة في مركز الجزيرة للدراسات بين عامي 2011 و2013، وهي الفترة التي تزامنت مع ذروة أحداث الربيع العربي، مع روابط مباشرة لأوراقها التحليلية المنشورة على موقع المركز.
مقابلات وتحليلات: معرض لمقاطع الفيديو من مقابلاتها على القنوات الإخبارية العربية والدولية، حيث قدمت تحليلاتها كخبيرة في الشؤون البحرينية والخليجية.
فيلم قصير عن ضحايا الاحتجاجات: الإشارة إلى الفيلم القصير الذي أنتجته عن قصة أحد المحتجين الشباب الذين قتلوا على يد قوات الأمن في البحرين. وقد عرضت هذا الفيلم أثناء تسلمها جائزة “تالي لحرية الكلمة”، مما يبرز استخدامها للسينما الوثائقية كأداة قوية في النضال الحقوقي وتوثيق الانتهاكات.
إن العمل الجريء الذي قامت به لميس ضيف، رغم تركيزه على القضايا المحلية والإقليمية، حظي بتقدير واعتراف دولي واسع. لم تكن هذه الجوائز مجرد تكريم شخصي، بل شكلت مصادقة عالمية على أهمية وشجاعة رسالتها، وشهادة على أن القضايا التي تدافع عنها هي قضايا إنسانية عالمية.
جائزة “تالي” لحرية الكلمة (2012):
تحتل هذه الجائزة مكانة مركزية في مسيرتها، حيث مُنحت لها من قبل “مركز تالي لحرية الكلمة” المرموق في جامعة سيراكيوز بنيويورك. جاء التكريم تقديراً لشجاعتها في مواجهة قمع حرية التعبير، وتحديداً لاستخدامها المبتكر لوسائل التواصل الاجتماعي كمنصة بديلة للوصول إلى الجمهور بعد حجبها عن الإعلام التقليدي. في خطاب تسلمها للجائزة، لخصت رسالتها بالقول: “أهدي قلمي للدفاع عن المظلومين”، وأضافت عبارة تلخص ثمن مبادئها: “إذا أردت أن تتبع ما تؤمن به، عليك أن تدفع الثمن”.
إن هذه الجائزة، وغيرها من التكريمات الدولية، تمثل مفارقة لافتة؛ فالأعمال ذاتها التي عرضتها للملاحقة والتهديد في وطنها هي التي جلبت لها التقدير في المحافل الدولية. هذا التباين يسلط الضوء على أن نضالها من أجل الشفافية والعدالة هو ما جعلها هدفاً للقمع ومثالاً للشجاعة في آن واحد.
جدول: جوائز وتكريمات مختارة
الجائزة | الجهة المانحة | السنة |
جائزة حرية الكلمة | مركز تالي لحرية الكلمة، جامعة سيراكيوز | 2012 |
امرأة العام في البحرين | جهة محلية | 2009 |
أفضل كاتبة بحرينية | الاتحاد النسائي البحريني | 2009 |
جائزة التميز الصحفي | مؤتمر المرأة الإقليمي الثاني | 2008 |
جائزة أفضل تحقيق صحفي | مهرجان الأيام الدولي | 2004 |
ضمن أشهر الشخصيات النسائية العربية على تويتر | مجلة “أراجيك” | 2012 |
جميع الحقوق محفوظة © 2025 الإعلامية لميس ضيف