:للفكر
حق لنا أن نسأل ونحن نراقب إيران وقد شغلت الدنيا بطموحاتها النووية ومفاوضاتها ووعيدها:
أحمدي نجاد بطل مغوار أم مغامر طائش؟
هل تهديداته وغطرسته تلك نابعة من ثقته بترسانته العسكرية.. أم هي بثقل تصريحات الصحاف الذي كانت قوات التحالف تدك مدينته وهو يعلن للناس أن ”العلوج” محاصرون بدباباتهم؟!
لا شك أن النظام الإيراني قد استفز الولايات المتحدة وهز هيبتها بما يكفي لجر العلاقة الأميركية – الإيرانية لمنعطف حاد.. لا لكونها قد اختارت معاكسة المخطط الأميركي للشرق الأوسط فحسب. ولا لأنها تمثل شماعة تصلح لتعليق إخفاقات المغامرة الأميركية في العراق البالغة تكلفتها ترليونيا دولار – عليها – فحسب، بل لأنها عزمت أخيراً على كسر احتكار الدولار لتجارة النفط العالمية.. بإعلانها أنها – وبدءاً من مارس – ستبيع بترولها باليورو عوضاً عن الدولار. وهي صفعة مدمرة للدولار الذي يمر بمحنة قاسية، إذ يحمل دَيناً قومياً تجاوزَ الـ8 ترليونات وعجزاً تجارياً تجاوزَ الـ 600 بليون دولار؛ وهو ما سيجعل تخلي أكبر رابع دولة مصدرة للبترول في العالم.. ضربة لا تعافي معها!!
وليس لنا أن نغفل دور إسرائيل ”التي طالب نجاد مراراً بمسحها من خارطة العالم” في خلق ”فوبيا” الجنوح النووي الإيراني.. ”من الواضح أننا لا نريد أن تمتلك إيران أسلحةً نوويةً – يقول مارتن كريفلد قائد عسكري إسرائيلي بارز – ولستُ أعرف إن كانوا سيطورونها حقاً، لكنهم سيكونون حمقى إن�’ لم يطوروها” في إشارة لحقيقة أن إيران قابعة على مرمى صواريخ إسرائيل النووية منذ عقود!
بيد أن كل هذا التربص والتآمر لا يبدو وكأنه يقلق نجاد الذي يرحب بالمواجهة، ويقول بلغة الواثق المعتد ”سنغلق مضيق هرمز ونشل إمدادات الطاقة”.. ثم يعود ليستعرض عضلاته عبر رهطه ويعلن ”سنحفر 320 ألف قبر لدفن جنود الأعداء”، وهي تهديدات ستبدو خطيرة لو كانت منطقية.. فمصر قد استطاعت بعسر إغلاق قناة السويس في 1967 لأنها بعرض 190 متراً.. فكيف لإيران أن تغلق مضيقاً يبلغ عرضة 34 كيلومتراً..!!
وحتى وإن نجحت.. أفلن يحول ذلك إيران نفسها، التي تصدر 2,4 مليون برميل يوميا بقيمة 750 مليون دولار، المتضرر الأكبر من إغلاق المضيق..!!
إن تهديدات نجاد ليست محيرة ومريبة لنا فحسب.. بل وتثير ردود فعل متباينة في الأوساط الإيرانية نفسها كما يُقرأ بجلاء من تصريحات المدعي العام الإيراني الذي قال منتقداً سياسة نجاد ”إذا أردنا أن نصبح قوة إقليمية لا يمكننا استخدام الشعارات اعتباطيا وعاطفيا”..
في المقابل قد تكون تصريحات نجاد تلك تصريحات مدبرةً محُكمة؛ هدفها إرباك العالم وكسب وقت على خطى ما فعله صدام حسين الذي كان يروج لامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل – في الوقت الذي كان ينفي فيه امتلاكها – ليطيل أمد بقاء نظامه في الحكم ويرهب خصومه..
وسواء أكان الرئيس الإيراني مستعداً لما يقحم نفسه فيه أم لا؛ فعلينا في المنطقة أن نستعد لما هو آت.. فعندما يتصارع الفيلة يدهس العشب.
لاسيما إن كان هذا العشب حليفاً.. لأحد الفيلة..!!