:للفكر
صورتان سيحفرها تاريخ البشرية للشهيدة دلال مغربي.. الأولى لها وهي مسجاة ببزتها العسكرية أمام المجرم الإسرائيلي أيهود باراك وهو يشدها من شعرها ويقلب جثتها بغيظ وحنق أمام عدسات المصورين في 1978.. أما الثانية فهي لرفاتها العائد للبنان حيث ولدت ؛ بعد مرور 30 عاماً عن عمليتها البطولية، وسط هتافات جماهيرية تعلو بشكل استثنائي كلما مر�’ ذكر اسمها..
ولمن لا يعرف دلال .. نروى ملحمتها اليوم..
كالآلاف من بنات فلسطين ولدت دلال في مخيمات اللاجئين في لبنان.. وما أن بلغت الـ15 حتى تسللت من مقاعد الدراسة لتنضم للحركة الفدائية وتنخرط في دورات عسكرية للتمرس على حرب العصابات واستخدام الأسلحة.. ولفتت دلال – على صباها- أنظار القيادات لجلـ�’دها وشجاعتها وقوة بأسها.. وهي المقومات الاستثنائية التي دفعت بوجهاد ، رئيس العمليات الأرضية آنذاك، لاختيارها ما أن أتمت العشرين لرئاسة 12 شخصاً منهم لبنانيان ويمني كان يحلم بالصلاة في المسجد الأقصى في عملية هي الأكبر سميت بعملية كمال عدوان؛ تيمناً بالقيادي عدوان الذي صفته قوات الاحتلال وزمرة من رفاقه في خضم أحدى مذابح الإسرائيليين الوحشية.
عمليتهم تلك كانت باكورة عهد العمليات الاستشهادية ، سلاح الفلسطينيين الفتاك الذي لا يملك أعدائهم له سميا ، وخطتهم كانت تقضي بالتسلل بحرياً بقاربين مطاطيين لتخوم منطقة عسكرية؛ وهو ما نجحوا فيه لأن الصهاينة ببساطة لم يتوقعوا أن تبلغ الجرأة بالفلسطينيين لهذا المبلغ.. نجحت الفرقة بالإنزال وتسللت للشارع العام حيث تمر المركبات العسكرية ؛ وهناك استولوا على حافلة تضم ثلاثين راكباً وتوجهوا بها لتل أبيب أملاً في الوصول للكنيست الإسرائيلي بالرهائن. وفي الطريق سيطرت الفرقة أيضاً على حافلة ثانية ونقلت ركابها للحافلة الأولى ليصل مجموع الرهائن لـ 68 رهينة جُلهم من الجنود..وفي أثناء ذلك أخرجت دلال علم فلسطين وعلقته ليرفرف عالياً في طرقات الأرض المحتلة مثيراً الفزع في أفئدة الإسرائيليين الذين هالتهم العملية وجرأها..
وفي ذلك كتب الأديب نزار قباني قائلاً : لقد أقامت دلال الجمهورية الفلسطينية في الأرض المحتلة برفعها للعلم الفلسطيني ، ليس المهم كم كان عمر هذه الجمهورية، المهم أن العلم الفلسطيني ارتفع على طريق طوله (95) كم في عمق الأرض المحتلة” .
أثناء ذلك تجمهر الجيش الإسرائيلي بقيادة باراك على مشارف تل أبيب للتصدي للهجمة مستخدماً الدبابات و الهليوكوبتر لتعطيل الحافلة قرب مستعمرة هرتسليا، وهناك اندلعت مواجهة عنيفة بين دلال ورفاقها مع قوات الاحتلال.. هذا وتضاربت الأنباء حول تفجير دلال للحافلة أم لا ولكن الثابت – وفقاً للصهاينة- أن العملية كبدت الجيش خسائر بشرية تمثلت في سقوط 90 عسكرياً بين قتيل وجريح.. وانتهت المواجهة بنفاذ ذخيرة فرقة دلال؛ واستشهادهم كلهم رمياً بالرشاشات؛ عدا أثنين أسرهما الاحتلال..
استشهدت دلال مقاتلةً كما عاشت؛ تاركاً ورائها وصية بخط يدها تطالب فيها المجاهدين بتجميد جميع المتناقضات الثانوية التي بينهم وتصعيد المتناقض الرئيسي مع سلطات الاحتلال وتوجيه البنادق إليهم.. ولا شك أنها في عليين ترى وتتألم لعدم امتثال أحد لوصيتها !!
اليوم عادت دلال من قبو أعدائها لتذكرنا بطولتها ووصيتها..
فعاشت دلال.. والمجد للأبطال