:للفكر
لو قُي�’ضَ لعلي بن أبي طالب (ع) أن يعود اليوم بعد 1398 عاماً على استشهاده ويرى بعض أتباعه وأتباع آل البيت يقيمون المجالس ويعظ�’مون الجمع لسب�’ من نازعوه الخلافة في صدر الإسلام ولتفنيد حقه وحق بنيه في الولاية.. فماذا كان سيقول؟
حقاً؛ ماذا سيقول من حارب مواليه وآثر أن يصبر 25 عاماً لتأتيه الخلافة طوعاً – خوفاً- من أن يوهن الأمة ويفرق المسلمين ويضعف شكيمتهم قبالة الأعداء لو عاد؛ ورأى أن سيرته وظلامة أبنائه غدت وسيلة لشق الأمة وتعميق الخلاف بين المسلمين!!
ماذا سيقول وهو يرى أكلاف الطائفية على أمة محمد: مليون قتيل في العراق ومليونان ونصف المليون مهجر.. وانقسامات مذهبية في باكستان ولبنان والبحرين وسائر الدول .. وأمة ما هي بأمة؛ لا كرامة لها ولا هيبة هي مطية للأعداء بنادقها وهراواتها موجهة للداخل فيما تمد يدها وتصعر خدها لأعداء الأمة!!
عندما كتبنا بالأمس نقول إن سجل الماضي يجب أن يُطوى، إيماناً منا بأن سجالات التاريخ لا تزيدنا إلا شرذمةً وفرقة؛ خاصةً وأنها لن تُحسم إلا باختراع ماكينة تعيد بنا الزمن للوراء لنرى حقيقة ما جرى.. كنا نريد القول إن التعايش هو خيارنا الوحيد للبقاء.. وهذا التعايش لن يتحقق إلا عبر احترام مقدسات ومعتقدات بعضنا البعض..في ذلك تعرضت لسب الصحابة كنقطة خلاف جوهرية بين المذهبين لأقول إنها ممارسة منهي عنها في أصل المذهب ولكنها لا ريب تبدر من جُهال العامة والخطباء ولكنها تتقوض تباعاً بحمد الله.. وكالعادة تُرك اللب وتم التركيز على القشر.. فهبت عاصفة من التعليقات الغاضبة على الموقع؛ التعليقات التي ما راق لها أن يعتبر السب ممارسة لا تمثل المذهب ولا أتباعه قاطبه؛ وأصر هؤلاء على أن سب الصحابة والخلفاء عمود بني عليه المذهب الشيعي يُرضعه كبار الشيعة لصغارهم، وأن تلك – وإن كانت ممارسة- فما أنكرها مرجع على عامة الأمة قط!!
وأحيل هؤلاء لجملة من أقوال المراجع المعتبرين في النهي عن التعرض للخلفاء الراشدين رضي الله عنهم لضيق المساحة عن سردها..منهم آية الله الشيخ مكارم الشيرازي وآية الله العظمى الخميني، وآية الله السيد محمد سعيد الحكيم؛ وآية الله السيد محمد صادق الروحاني والسيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي وكلهم أقطاب أجمعوا على النهي عن سب الخلفاء وورد عن المرجع السيد محمد حسين فضل الله ما يقتضب رؤيتهم إذ قال “يجب على المؤمنين أن يمتنعوا عن فعل وقول كل ما يضر�’ وحدة المسلمين وبخاصة سب من هو محترم عندهم من الصحابة والأولياء والعلماء، حتى لو كان لنا عليه مآخذ، وإذا كان الله تعالى قد نهى في كتابه المجيد عن سب�’ الكافرين الذين يعبدون الأصنام، وذلك احترازاً من ردة فعلهم بسب الله تعالى عدواً بغير علم، فما بالك بالمسلمين الذين نتوافق معهم على جل�’ العقائد والأحكام، والذين نعيش وإياهم هموماً واحدة ومصيراً واحداً’’ وأضاف آية الله الشيخ يوسف الصانعي أيضا “لعنُ من هو محبوب عند أهل السنة لأنهم أصحاب رسول الل�’ه غير جائز’’.
إننا لا ننفي وجود الظاهرة بل نقول إن تعميمها افتراء.. فالأجيال الجديدة من الشيعة صارت تتعالى عن أقوال السوقة وتُعلي مثاليات قيم المذهب على موروثاته.. وغني عن البيان القول بأن أخذ دين أو مذهب بجريرة فرقة -أيا كان اتساعها ونفاذها- إجحاف صرف.. وإن كنا – كمسلميين- ننهى العالم عن تقريع الإسلام ومعاقبة المسلمين بجريرة تنظيم القاعدة، فعلينا أن لا نقوم بالمثل مع أنفسنا.. فنترفع عن المشارعة ونبني جسور الود ولا نجتث دعوات التقريب.. وليكن مشروعنا الأول هو تطهير خطابنا من استفزاز الآخر في قناعاته ومقدساته.