:للفكر
فحياتنا عبارة عن سلسلة لا متناهية من القرارات اليومية والمرحلية المصيرية منها والهامشية.. قرارات نتخذ بعضها بوعي وبعضها الآخر بتلقائية واعية..
أأسلك هذا الطريق هرباً من الزحام أم أبقى في طريقي رغم اكتظاظه؟! أأتناول قطعة الحلوى هذه أم أحفظ وزني؟! أأنام مبكراً أم أسهر وأحتضن صفحة الليل الأليل؟!
وقرارات أخرى أكثر مفصلية: أي تخصص جامعي سأختار؟! أأقبل هذه الوظيفة أم أرفضها؟! أأتزوجها رغم ما يفصل بيننا من فروقات أم أنتظر الأفضل؟! أأكتفي بما لدي من بنين أم أخطط لطفل إضافي؟!
قرارات وقرارات لا عد�’ لها ولا حد هي من يرسم خريطة حياتنا بل ومعادنا.. ما لا يدركه البعض هنا؛ أن لكل قرار – أيًاً صغر- ثمناً.. وحتى الامتناع عن أخذ قرار له ثمن.. وكثيرا ما يكون ثمن الامتناع عن أخذ قرار أغلى كلفةً من ثمن القرار نفسه..!!
فكم امرئ استمر في وظيفة خانقة لخوفه من الاستقالة ومواجهة المجهول.. كم فرد بقي تحت مظلة زواج فاشل؛ لأنه مرتعب من أكلاف الهروب.. كم تاجر حرم فرص الثروة؛ لأنه فضل الأعمال المضمونة على المغامرة والمراهنة على شيء جديد..
القرارات، لا سيما المصيرية منها، تحتاج لشجاعة ورباطة جأش.. تحتاج منا أن نفهم وصفة اللاءات الثلاث:
لا شيء مضمون في هذه الحياة!!
ولا نجاح سيجنى بين ليلة وضحاها!
ولا يمكنك الحصول على شيء دون تقديم شيء في المقابل!
تمعنوا معي في جُل مشاكلنا على هذه الكرة المدحي�’ة وعلاقتها بهذه اللاءات .. كلنا يريد الورد دون شوكه.. ويريد أن يحصل دون أن يعطي.. ويريد أن يحصد قبل أن يأخذ الزرع دورته ويأتي قطوفه.. في العلاقات بأنواعها كثيرون يريدون أن يأخذوا دون أن يعطوا.. أو أكثر مما يعطون.. وفشل كثير من العلاقات الشخصية والتجارية والأسرية وليد اختلال تلك المعادلة..
كل القرارات المكينةً وليدة عقلية ترى الفشل بوابة عبور للنجاح.. الشركات العملاقه التي ترون اليوم ابتدأت بقرار التحرر من سطوة الخوف واحتضان المجهول بأمل.. ابحث في قصص نجاح ميكروسوفت، وجووجل، وكريستان ديور؛ وبايباال، واي بآي وستجدون أن القاسم المشترك هو أنهم بدأوا بقرار/حلم وإن ثبطهم وشكك فيهم الآخرون.
يقول وارين بوفيت المستثمر الأسطورة وثاني أغنى رجل في العالم بثروة وصلت لـ42 مليار دولار، والذي بدأ حياته ببيع العلب الغازية: علمت دوماً أني سأصبح من الأثرياء ولم يراودني شك في ذلك.. فالكل يخشى الفشل أما أنا فلا أهاب إلا الجمود.
فإن كانت لديكم قرارات عالقة.. أفكار تحبسونها في صدوركم بجبن خشية تبعاتها.. فأطلقوها.. لا تخافوا من الفشل ومن ردود الفعل ومن المجهول، بل خافوا من الجمود، الذي يلتهم سنوات عمركم ويستل ألوان الطيف من روحكم وحياتكم