:للفكر

أهناك أمة سوانا لا تتشارك عيداً ولا موسماً ولا مناسبة دينية؟!
القمر واحد والأرض واحدة والدين واحد والمناسبة واحدة؛ و«يرم�’ض» الجار وجاره اللصيق في يومين مختلفين؛ بل ويفطر المرء في يوم وشقيقه في آخر – إذعاناً – للفتاوى التي شطرت الأسر شطرين؛ فما بالكم بما تفعله بالمجتمعات! 

لقد جعل الله لكل أمة عيداً وموسماً لتلتف الأمة عليه.. لا لتكون سبب فرقة وتشرذم – ربما – لم يتحقق ذلك في العصور التي صعب التواصل فيها بين الأمصار والمدن، أما الآن وقد من�’ الله علينا بالعلم والتكنولوجيا فما عاد يحجزنا عن حلم الاتفاق على يوم عيد وصيام إلا نفرٌ من العقول المتحجرة التي تخلط السياسة بالدين وتريدنا أن نكون أمتين لتحظى بالسيادة والولاية إلى أبد الآبدين..

ورغم أن المملكة العربية السعودية، التي تسير على خطاها كثير من الدول الإسلامية، قد أخطأت مراراً في تحديد بداية شهر رمضان – واعترفت بذلك – ودفعت كفارة عن كل السعوديين؛ لأنها أفطرتهم في الميقات الخطأ. إلا أن تلك الأخطاء المتكررات لم تدفع الناس للتشكيك في جدوى اعتماد العين المجردة كوسيلة لإثبات الهلال. كل ما لديهم لمحاربة دعوات تطوير آلية الإثبات هو الحديث الشريف «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» ولا ندري بأي وجه فهم الحديث على أنه يعني التماس الهلال بالعين المجردة حصراً وعدم جواز سحبه على «رؤية العين» للهلال إنما بالمنظار أو التلسكوب، خصوصاً أن الرؤية استعصت في هذا العصر نظراً إلى ارتفاع نسبة التلوث والغازات في الجو – من بين عوامل أخرى طبعاً.. 

وفي الوقت الذي اعتمدت فيه مصر، وهي موطن الأزهر ومنجم العلوم الدينية، الحسابات الفلكية في إعلان ثبوت الرؤية فإن مجمع الفقه بالسعودية حرمها.. وكذا فعل سائر الشيعة والسنة؛ إلا المرجع الديني العلامة محمد حسين فضل الله وبعض الفقهاء في ليبيا واليمن والمغرب العربي الذين رأوا أن توحيد دخول الشهر وانقضائه فرض، وليس مطلباً عابراً.. 

إن ما يجري لنا هاهنا جريمة.. جريمة خطف كل ما هو يجمع ويوحد من أمة استنزفتها الفرقة.. والحل أمام أعيننا ونشيح أنظارنا عنه عدواناً.. في العام 1966 قرر مجمع البحوث الإسلامية في اجتماع ضم فقهاء من الأقطار الإسلامية كافة على إلغاء اختلاف المطالع واعتبر المؤتمر رؤية الهلال في دولة واحدة كافية بإثبات رؤيته في كل الأقاليم التي تشترك معها في جزء من ليلة الرؤية. ووافق على القرار مجمع الفقه الإسلامي والمؤتمر الإسلامي في ,1986 فإن كنا قد فشلنا في توحيد اليوم بناء على الرؤية المجردة طوال 42 عاماً، فكم نحتاج لنوحد المسلمين بناء على الرؤية الفلكية كما أراد لها الله والمنطق الذي زرعه الله في البشر أن تكون؟!

يقول تعالى «الشمس والقمر بحسبان»، أي أن للقمر والشمس حساباتهما في إشارة إلى علم الفلك.. الذي لو كانت تقنياته قد وصلت في عهد الرسول الكريم لما وصلنا له اليوم لما تردد الأولون في استخدامه. الأولون الذين فهموا الدين حق فهمه وما كانوا ليجروا الناس لمتاهات الشقاق التي أردتنا..

وكل عام.. وجهلنا وفرقتنا بألف بخير..