:للفكر

بطريقة ما؛ تمكن العرب من دخول الإسلام بفكرهم الجاهلي حاملين معهم إرث معتقدات وعادات ارتضوها لأنفسهم ثم تعاملوا معها كمسلمات لا تجوز مساءلتها.. فأغلال الأفكار والطباع الجاهلية لم تسقط ، ولا حتى تحت وقع مطرقة تعاليم الدين الجديد، بل تسللت هي للدين بعد أن زُج�’ بها لظل مظلة الدين الوارفة؛ ونجح أولئك في مد�’ الجسور بين أفكارهم الجاهلية والطرح المتنور للإسلام .. وحتى الجزئيات التي عجزوا عن ربطها بالدين سوغوها؛ وقدموها بشكل مقبول؛ خشية أن تبيد وتطمر ..!!

مازالت طباع الجاهليين متأصلة في نفوس البعض نقول.. تراها في تصرفاتهم وتشمها في أنفاسهم وتقرؤها من زلل ألسنتهم.. مازالت العنصرية شديدة الحضور في نفوس العرب رغم أننا الدين الوحيد الذي تعرض للمساواة بين البشر بغض النظر عن ألوانهم وأعراقهم.
أبرز سمات التعامل الجاهلي تتجلى في التعاطي مع النساء.. فكل ذي مال وجاه يحيط نفسه بالجواري «وما ملكت الأيمان» كما كان يفعل أسلافه تارة باسم تسميات شبه شرعية وتارةً دون عنوان.. في كثير من دولنا تعامل المرأة على أنها نكره.. فلا ينطق اسمها ولا يعلو لها حرف وتطالب بالاختباء دوماً وكأن أنوثتها.. جريمة..!! 
عقيدة الانتقام والثأر وحمل الضغينة وعدم تجاوز الصغائر لصالح الصورة الكبرى؛ وهي سمة جاهلية بامتياز: مازالت حية ترزق. فما من أمة عرف تاريخها حروباً استمرت عقوداً ممتدة تصل لـ40 عاماً وأهلكت النسل والحرث بسبب.. ناقة..إلا نحن..!! وما عيشنا الآن في جوف النصوص التاريخية وحواراتنا وخصوماتنا حول حيثيات وقعت في عصور انصرمت ومات شخوصها؛ إلا دليل على جاهليتنا وسؤدد الضغائن علينا.. فاليابان -التي قُصفت بالأسلحة النووية ومازالت أجيالها تعاني التشوهات الخلقية جراء العدوان الأمريكي- تجاوزت محنتها بعد 3 عقود ومدت كفها لأمريكا -خصم الأمس- خشية أن تعيق تلك العداوة انطلاقها فيما مازلنا نحن نتقاتل على تفاصيل وقعت قبل قرون – قرون لا عقود- وكأنها حدثت بالأمس؛ ونشعل في نفوس الأجيال القادمة جذوة العداء ذاته.. لخشيتنا أن ينطفئ أو يخبو !!
 العصبية القبيلة..التباهي بالأنساب ونظم أشعار ممتدة تختزل الأصالة والعروبة في شريحة بعينها وكأن سواهم فطر لا جذر له.. تعظيم الذات واستصغار الغير كلها وغيرها صفات جاهلية حملناها على ظهورنا قروناً.. وأثقلتنا قروناً.. وأخرتنا قروناً.. والمفارقة أننا – وفي حين عضضنا بالنواجذ على تلك الصفات الخربة- تركنا صفات الجاهلية الحميدة تتآكل؛ من أنفه وكرم وإباء وعزة نفس وشجاعة ونصر للمظلومين. !!
ما أحوجنا اليوم لانتفاضة؛ لميلاد جديد للدين يحررنا من المرض الوراثي الذي سبب لنا الشلل؛ ورمانا في قعر الأمم والشعوب.