:للفكر
في خطبته العصماء يوم الجمعة قرر الشيخ حيدر الستري – حفظه الله وسلمه- أن الشيخ عيسى قاسم هو علي هذا العصر؛ لذا فإن ”من يتوق للنظر إلى علي�’ (ع) فلينظر إلى وجه سماحة الشيخ عيسى قاسم” على حد قوله !! ولم يتوقف مولانا عند هذا الربط بل فصل تبعاته السياسية والاجتماعية بقوله ”إن أي استسهال وتقليل من شأن المرجعية الدينية لا يختلف عن التقليل من شأن الرسول (ص) والأئمة الأطهار (ع)”، وإن ”توهين القيادات العلمائية هو توهينٌ لرسول الله (تخيلوا) وتقليل من شأن الأئمة المعصومين (ع)!!!”
وإمعاناً في تسويق هذا الرأي شرح أن البعض في الأزمان الغابرة قللوا من شأن الرسل والأنبياء والأئمة المعصومين واقتبس ”بسبب التعن�’ت أو الاعتياد عليهم وكونهم بشراً يسعون ويعيشون بينهم”، في إشارة منه لأننا غفلنا عن الحقيقة التي كشفها لنا؛ لمجرد أن الشيخ يعيش وسطنا!!
الشيخ عيسى ليس مسؤولا عن تلك ”الشطحة” بالطبع والتي لا تعدو كونها محاولة – متطرفة ساذجةً وغير مدروسة- لتعبيد الطريق لمجلس 2010 الذي ما عادت مقاعده مضمونة كما كانت عشية انتخابات .2006 فبما أن الشيخ قاسم هو الإمام علي (ع) بنسخته البحرينية العصرية والتقليل من شأنه هو ”تقليل من شأن الرسول والأئمة الأطهار” فلا شك أنه لا ينطق عن الهوى.. وليس لأحد أن يسائل اختياراته السياسية.. بل ولا يحق لأحد أن ينتقد من اصطفاهم لتمثيل الشعب والمرجعية في المجلس..!! ووحدهم السفهاء المتجرئون على الشرع المقدس من سيشككون في جدوى إعادة انتخابهم، وإن أثبتوا ضعفا في الأداء داخل وخارج أسوار البرلمان.. ففي نهاية المطاف الناخب مسلم موالٍ؛ وعليه لا يحق له أن يفكر في مكاسبه ومطامحه كمواطن.. فإن قضى الله ورسوله أمراً فليس للمسلم خيرة فيما يختار، أليس كذلك!!
بلى الشيخ قاسم موقر لدى المجاميع لما أثبته من نظافة اليد والثبات على المبدأ؛ ولا يعاب وينتقص منه على صعيد علمه الديني أيضاً؛ ولكنه – على صعيد سياسي- ارتكب كبوات عدة لا تليق بالإمام علي(ع) ولا بممثله في العصر.. فالرجل عالم دين لا رجل سياسة؛ وقد تعهد عند عودته للبحرين أن يترفع عن العمل السياسي وما به من تدليس ودنس، وعاد عن رأيه تحت ضغط السياسيين الذين احتاجوا غطاءً شرعياً ؛ ظهراً شرعياً؛ تتكئ مطامحهم ومطامعهم عليه فدفعوه للسياسة.. وليس للستري – ولا لغيره في هذا المقام- إرهابنا وإرهاب العقول وثنيها عن مساءلة قراراته السياسية بزجه بين المعصومين واعتبار مخالفته؛ وغيره من المرجعيات، تجرؤٌ على الرسول وآل بيته!!
إن السياسيين من ممتطي أمواج الدين؛ ما زالوا وما فتئوا؛ يلعبون بذات الأوراق ويسوقون للبضاعة ذاتها.. عصمة وقدسية المرجعيات؛ ووجوب الطاعة العمياء لهم في شؤون السياسة قبل الدين.. وأخال أن قول الستري قد نف�’ر وصدم الجماهير لسبب وحيد.. لأنه وضع عنواناً لفعل تمارسه الجماهير دون وعي ولا تريد له أن يؤطر بإطار.. فهم يتعاملون مع المرجعيات وكأن لديه درجة ما من العصمة ولا يساءلون – حتى في نفوسهم- قراراتهم ورؤاهم خوفاً من الإثم وجهنم الحمراء.. لذا فإن الستري أثار استهجانهم؛ لأنه وضع لهم أفعالهم في قالب؛ لا يريدون رؤيته..!
إن غالبية نواب الوفاق، عدا الستة الذين تكلمنا عنهم آنفاً، أثبتوا أن اختيارهم غلطة عض الناخبون الأنامل عليها ندماً.. واليوم يحيون هستيريا التقديس وتكفير المخالفين وتسقيط المشككين لقناعتهم أنها طوق النجاة الذي يبحثون عنه.. يتجاهل هؤلاء أن الجماهير أعادت حساباتها.. وأن قطار الوعي قد انطلق؛ ولا سبيل للعودة به للمحطة مجدداً!!