:للفكر
* كان جميل المعشر.. طلق الوجه باسماً من غير ضحك فلا تظهر نواجذه.. يحب التطيب وقيل يكتحل وترا؛ كان ينظر للماء ليتجمل ويتمشط لأصحابه، فضلاً عن تجمله لأهله، وهو القائل “إن الله يحب من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيأ لهم ويتجمل’’ إنه رسول الله الذي انبلجت شمسه على دنيانا في مثل هذا اليوم.. فما أبعده عن كثير من متدينينا الذين تبعوه وما اتبعوه.. أولئك الشعثون المغبرون؛ الذين يرون في التجهم وقاراً وفي قطب الجبين هيبة؛ فيحرمهم الله من طوق نور الإيمان الذي يقال إنه يشع من الصالحين!!
* لم يكن يطعن في أحد.. ولا يحقر أو يهين حتى الكفار والمنافقين الذين أنبأه الله عنهم .. بل كان اسبق للإحسان لمن أساء إليه.. روي انه كان له جار يهودي امتهن سبابه وجرحه كلما راح وغدا وكان ينثر على بابه النجاسات.. فلما حجزه المرض عن إيذاء الرسول افتقده وسأل صحبه: ما لهذا الجار لا نرى منه شيئاً “ولم يقل اليهودي تلطفاً منه’’ فلما علم أنه مريض هب وعاده في بيته ودعا له فغمر بخلقه اليهودي فأسلم في لحظته. وكم من أفواج دخلت الإسلام مشدوهةً بخلقه وطريقته المثلى.. فأين منه اليوم اللعانون والشتامون.. أولئك الذين ينصبون أنفسهم أوصياء على الدين فيكفرون ويفسقون الناس غياً وعدونا.. وينفرون بعتوهم الناس من الدين والتدين!!
* كان ليناً يحب الهون ويرى الدين يسراً؛ تقول سيدتنا عائشة “ما خُيِ�’ر رسول الله “ص’’ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما’’..فكان أخف الناس صلاةً على الناس في تمام؛ وأطول الناس صلاة على نفسه.. فأين منه اليوم من يُغلون في الدين ويتطرفون فيه بشكل خانق مغلظين على الناس ما يسر ومعسرين عليهم كل يسير!!
* كان حليما كريما يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.. قيل إن امرأة من الأنصار أشفقت عليه لأنه كان يخرج في البرد القارس إلى صلاة الفجر بلا رداء يدفئه فصنعت له عباءة وأهدته إياها ففرح بها. فلما خرج رآه رجل من الأنصار فقال له: اكسنيها يا رسول الله؛ فأعطاه إياه في فوره..
كان يعيش بالقليل ويرقع ثوبه بنفسه ويخصف نعله.. فأين منه اليوم بعض رجال الدين من عبدة المال والجاه والسلطان.. أولئك الذين يتخذون الدين سلماً لنعيم الدنيا.. ويكنزون للحياة وكأنهم مخلدون فيها!!
* كان يرأف بأهله ويتلطف بهم ويلفهم بطيب الكلام والإكرام والاحترام.. ويعين زوجاته في أمور المنزل ويحسن إليهم.. ولا يشق على أهله ومواليه في شيء؛ يقول أنس (رض) “خدمت النبي عشر سنين والله ما قال أف قط’’ وعن السيدة عائشة أنها قالت “ما ضرب رسول الله خادما له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله’’.. وكان (ص) يقوم لسيدتنا فاطمة كلما دخلت عليه، ويقبلها ويجلسها بنفسه، وكان يقول “فاطمة أم أبيها’’ تحننا منه وإكباراً.. فأين منه كثير ممن لا يفوتون فرضاً ولكنهم يعيشون نساءهم وأبناءهم في كبد.. فلا هم يوفونهم حقوقهم ولا هم يكفونهم شرورهم..!!
رسولنا الكريم لم يكن معبراً للرسالة السماوية فحسب بل كان يحمل إلينا في خلقه العظيم رسالة.. خارطة تعامل إنساني متكاملة، حقيق علينا أن نقتفيها ونتبعها..
______
هامش
يقول رسولنا الكريم:
الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد والخلق السيِ�’ئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل