:للفكر
ذات يوم “تشاقى” بعض صبية الحي واتفقوا على تخريب معبده / زاويته الغريبة ، غافله أحدهم فيما إنقض إثنان على الزاوية وبعثروا ما فيها وتراكضوا ضاحكين على تذمره الغاضب بلغته التي لا يتقنونها .
إنبرى جاره في المحل للدفاع عنه ، وهو بحريني يبلغ من العمر 160 عاماً ” كان كذلك في مخيلتي وقتها أما الآن فأخاله كان في الخمسين من العمر ” لحق هذا الجار الغاضب رحمه الله وراء الصبية بعصى غليظة وكان ينعتهم ” بالملاعين والشياطين ” فسمعته سيدة مهيبة الحجم من حينا ووقفت له بالمرصاد
بعنفوانها المنامي صرخت “هد الجهال يووو.. رجال شكبرك حاط راسك براس هالمساكين “
فلما أخبرها بفعلتهم إلتفت لهم وقد كانوا قد إقتربوا منها لتحامي عنهم ، فما كان منها إلا أن لطمتهم لطمة أخالها توجع أكثر من العصى التي هددهم بها الجار بمرات..
فالإعتداء على عامل آسيوي فقير كان فعلا مشينا ، الإعتداء على ” مسجده” الصغير لم يكن مقبولا أيضا ..
*****
الإنسان – بتكوينه البدائي – ينفر من كل مختلف عنه ، ويعادي ما يجهله ، فإن تحضر رق�’ طبعه كما يقول الكواكبي ، وقتها ووقتها فقط يتآخى مع الأفكار – قبل أن يُآخي البشر- وقد يصل لمرحلة من الإنفتاح الفكري والتصالح مع نفسه ، ومع الكون ، فيحتفي بالإختلاف ولا يتقبله فحسب ..
كنا كذلك بفطرتنا ، كنا نقرأ الآية الكريمة ” لكم دينكم ولي دين ” ونفهمها دون شرح أو تعقيد ..
لذا عشنا في العاصمة المنامة وسط ١٦ كنيسة ولم نؤذِ منهم أحداً ، بل كانت تمر مناسبات كالأعياد وعاشوراء ونشاركهم فيها ويشاركوننا فيها ، وأخال أن مجتمعاتنا ” قبل أن تقتحمها ثقافة الوتس أب ومعلومات الإنترنت المزيفة ” كانت أكثر وعيا ونضجا مما هي عليه الآن ..
لم يكن الناس يقرؤون كثيرا ، ولا يشاهدون التلفاز على مدار الساعة ولا كانت تصلهم الأخبار بالدقيقة عبر تويتر وسواها ، ولكنهم كانوا يتداولون معلومات حقيقية وأفكار حقيقية ، كان الصدق وسمو الأخلاق يوجه دفتهم لما هو منطقي من أقوال وأفعال .. لم يكونوا ملائكة ولكنهم كانوا على الأقل – أقل جهلا مما نحن عليه الآن !!
قبل مدة تعرضت مؤسسات دينية للإعتداء على بعض صورها ومقتنياتها على يد جماعة مجهولة ولأكثر من مرة ، كاد الأمر أن يسبب فتنة في المنطقة لولا أن الله سلم وتدخل العقلاء لإحتواء الأمر.. الغريب : أن تلك الجماعة المارقة وجدت من يدافع عنها من فهم معوج للحديث الشريف الذي يقول فيه صلى الله عليه وآله وسلم ” أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ” ..
أصبح التعدي على الحريات الدينية – التي تكفلها دساتيرنا وينص عليها ديننا- بطولة في قاموس بعض الجهلة ..
مباشرة تذكرت يومها تلك السيدة.، التي عرفت بفطرتها – قبل ٢٠ عاما-أن التعدي على المعتقدات فعل أثيم!