للفكر :

فهولاكو ، حفيد جنكيز خان ووارث عنفه وعنفوانه ، الذي طوق بغداد وأعدم خليفتها المستعصم ، كان يدرك أن الخوف والجهل هما أهم حلفاء كل غازٍ ومستعمر .. لذا قتل الآلاف يوم وطأ بغداد ” قيل أنه أباد 80 ألفاً ولم يستثني طفلاً ولا امرأة ” وقد إتخذ من الموصل عاصمته بعد أن خفض رتبة بغداد من مدينة لولاية .
أما في الإحتلال الثاني لبغداد ، الذي تم على يد تيمور لنك ، فقد كان الانتقام من السكان أشرس مما توقعوا ، يقال أن جنوده بنوا أهرامات من جماجم الضحايا على أبواب بغداد .. و أحرقوا الناس أحياء وكانت الأوامر تقضي بقتل كل من بالمدينة عدا الفنانين والعلماء الذي أبعدهم تيمور لنك لسمرقند..
فعلى يد المغول انهارت حضارة ممتدة لآلاف السنين ، وتبدد إرث تاريخي ثمين ، وتذكر بعض المصادر أن واردات ديوان العراق هبطت من 30 مليون درهم قبل العهد المغولي لـ 3 ملايين ..

****

لا أعرف لم استحضرت الذاكرة أوراق تلك الحقبة وأنا أشاهد صور هدم الدواعش لتمثال الشاعر العباسي أبو تمام الطائي في نينوي وهو صاحب بيت الشعر الشهير ” السيف أصدق أنباء من الكتب ”  !
فالتمثال الضخم فجر على يدهم لتطهير البلاد من ” الأصنام “..
فهؤلاء الجهلة يأخذون الامور على عواهنها ولا يفرقون بين تماثيل صُنعت بهدف عبادتها وأخرى صُنعت لتكريم شخصيات تاريخية .
ولا أظننكم ستندهشوا أن علمتم أن الدواعش – مغول العصر – قاموا بإزالة أغلب القبور الأثرية التي يمتد عمرها لآلاف السنين ، وأحرقوا كل كنائس الموصل ،  واتخذوا منازل المسيحيين ” غنائم ” وحولوها لأوكار لهم بعد طرد أهلها . فقد هجروا حوالي 650 عائلة شبكية وتركمانية من مدينة الموصل بعد سلبهم كل ما يملكون ليضافوا لسجل 800 ألف مواطن نزحوا هربا من مغول داعش الذين أعدموا 1700 عراقي دفعة واحدة .
وبعد نشر الرعب بدؤوا في فرض ثقافة طالبنية جديدة ، متمثلة في منع النساء من مبارحة بيوتهن وإلزامهن بزي موحد كما أغلقوا كل صالونات التجميل – تخيلوا – وكل القاعات الرياضية والمقاهي وكل ما يناقض الحياة الجاهلية التي يعمدون لفرضها !

****

يقول كارل ماركس :
أن التاريخ يعيد نفسه مرتين : مرة على شكل مأساة ..
ومرة على شكل مهزلة ..
وكان غزو المغول الاول للعراق وهدم حضارتها مأساة ..
أما غزو الدواعش لحواضن العلم والمعرفة في 2014 فمهزلة .
سيما وأنهم تحصل على مرأى العالم الذي يدعي التحضر وصيانة الحقوق والإنسانية  ..