للفكر :

أننا أمة مغبرة: لازالت تناقش من كان أولى بالخلافة قبل قرون .. ومن هي الفئة الناجية .. ومن كان منافقا ومندسا بين الأولين بل “وتفتي” بمن دخل الجنة ومن ينتظره السعير .. !
لو ترجمت حوارتنا في المنتديات واللقاءات للغات أخرى لصرنا أضحوكة العالم ونادرته ” إن لم نكن كذلك أصلاً ” ولا زالت أجهل رجوى مناقشة ما نناقشة الا تعميق الهوة وشق الصف ..!
شخصياً، أشك في كثير من مسلماتي وقناعاتي لكن… أمر وحيد قناعتي به مطلقة :
التاريخ الأسلامي مزيف..

 تلاعبت به الأيدي لقناعتها آنذاك بوجود “أهداف عظيمة” وراء هذا وصدرت لنا النسخة المنقحة منه .. الفرق الوحيد ربما ، بين المتعلم والمثقف، هي جزئية الإطار الفكري.. وتحملوا معي بعض عناء التنظير لتستوعبوا هذه النقطة التي قد تفسر لكم كثيراً من الأشياء المتعلقة بالذات وبالآخر..
كلنا ينشئ بإطار فكري معين.. بموجبه يحدد الصلاح والضلال ، المقبول والمرفوض ، المعيب والمحمود.. المتعلم ، وقد يصل لدرجة الدكتوراه ، يسير في درب الدرس والقراءة لمداه ولكنه يقنع حصرا بالمعلومات التي تتوافق مع إطاره الفكري وتدعم ما له من معلومات ويقاوم – بشكل أوتوماتيكي- كل ما ينفيه ويهز هيبته.. المثقف لديه إطار فكري مرن، يسمع ويقرأ ويفند ويناقش، ولا يقبل بالمسلمات ، وينفتح على الثقافات ويسمح للأفكار بالتلاقح والإختمار ، لا أحد منا يريد أن يشكك في ما حُقن به منذ الطفولة من معلومات عن عائلته/ جماعته/ مذهبه.. وحده المثقف – وأسسنا سابقا على غياب علاقة حقيقية بين الثقافة والشهادات – وحده المثقف نكرر من تحرر من تلك القيود، ويستطيع رؤية المواقف بأبعادها الحقيقية ..

شطر كبير من مأساة هذه الأمة يكمن في تناقضات وشطحات مؤرخيها ، وكيف قدموا الشخصيات وما زالوا يقدمونها ، الحقيقة نسبية ومطلقة في وقت واحد ، كما  قال الفيلسوف مانهايم ، ولا يمكننا بعد كل هذا الوقت أن نجزم فعلا بتفاصيل العصور الذهبية والفحمية التي مرت بها أمتنا.. وعليه لا يخدم هذا الجدل إلا عملية الجدل نفسها..
من خلال متابعتي لنقاشات الساحة العربية خلال السنوات الخمس الماضية أستطيع أن أقول بجسارة أن هذه المناكفات تزداد ولا تنحسر ، بل وتزداد ضعة وتسفلا مع الوقت ، ولا حل ولا مخرج من هذا الجنون إلا بتثبيت حقيقتين : أن العقل البشري متحيز بطبعه ، وأن تاريخنا ليس بحجة نحتج بها ” سيما في غياب كتابين يشبهان بعضهما” ..
نافلة القول : ربما حان الوقت لننسى الماضي، لنعزل أنفسنا عن تركته الثقيلة ونعيش “الآن” وتحدياته.. فنحن لا شك أمة إعاقتها ومحنتها .. في ماضيها ..