للوطن :

انتظرت هذا اليوم لأنهي سلسلة “وطني، إلى أين أنت ذاهب’’ السلسلة التي عبرت فيها عن هواجسي كمواطنة، قبل أية اعتبارات أخرى. كتبتها بحرقة بنت بلد تخشى ظلال الأمس ورعد الغد.. كتبتها بصوت أبناء البلد الغيارى الذين يريدون لها أن تكون الأكمل والأجمل، ونزفت فيها هموماً أزعم أنها تمثل أبناء هذا الوطن بفسيفسائه الجميلة التي تتكامل رغم اختلافها.. فحبري موالٍ لهذه الأرض بكل ما فيها من بشر وحجر، ولا ينشد من استهداف مواطن الجرح.. إلا رتقها..


على هذه السلسلة ورد في موقعنا الالكتروني حتى الأمس 485 تعليقاً – كلهم- لمواطنين شاركونا هواجسهم وأحلامهم وأوجاعهم.. من يقرأ ما دُفن بين السطور يرى أن الموج عالٍ ولكن آمال البحرينيين أعلى.. يناكفون بعضهم ويشاعرون -حتى أنفسهم- ولكنهم جميعاً مرتبطون برابطةً أكبر من أن يفككوها أو يفهموها.. كلهم يحب هذه الأرض بطريقته، ويعبر عن حبه ذاك بأسلوبه ورؤيته.. بعضهم يرى حبها في عدم نشر غسيلها ولا المس بصورتها وإبراز جوانبها المضيئة ومنجزاتها وترك النواقص للزمن ليتكفل بها.. وبعضهم يرى حب الوطن في تطهيره وتطبيبه وكشف مثالبه والتصدي لها. كل منهم يحب وطنه وأهله وعشيرته إنما.. بطريقته. 
كلهم يحب حكومته وقيادته ولا يبتغي عنها بديلاً أيضا، ويذود عن الوطن ورموزه وقادته بنفسه إن دقت الساعة.. بعضهم يترجم حبه للسلطة في تمجيدها وعدم الانتقاص من جهودها، أصابت هدفها أم حادت.. وبعضهم يرى أن حب الوطن والقيادة يتجلى في مناصحتها ومكاشفتها ودعوتها لتقويم ما هو معوج.. كلهم يحب وطنه وأهله وقيادته نقول إنما.. بطريقته.. 

لطالما رددت بأن شعب البحرين.. شعب بقلب طفل.. يشكو ويمتعض ويرفس ويضرب برجليه ثم ينسى إن مدت له اليد بهدية.. لذا فإن السلطة إن قررت أن تمحي ذاكرة هذا الشعب بجرة قلم فإنها تستطيع.. فشعب البحرين شعب طيب محب متسامح.. ليست لديه مطالب عظيمة فمطالبه بسيطة – مثله تماماً- يريد وظائف مستقرة براتب يكفيه لنهاية الشهر.. يريد مسكناً مريحاً يورثه لأطفاله بعد عينه.. يريد سيارة لا يراق ماء وجهه إن تعطلت في منتصف الطريق.. ومستشفيات تعالجه بسرعة وحرفية.. وسيكون أكثر من سعيد أن توفرت له بعض الحدائق ومبلغ يكفيه ليسافر لسوريا أو مصر في الصيف..!!

حينها ستبدو السياسة ترف والاحتجاجات كماليات.. إننا في دولة مَن الله عليها بمنن عظيمة.. وقليل من الخطوات والمبادرات كفيلة بأن تجبر الكسور وتعطر اليوم والغد.. في هذا اليوم المجيد الذي يجمعنا، علينا أن نقول إننا، ورغم كل ما نبديه من تشاؤم أحياناً، لازلنا نراهن على البحرين ونهضتها.. لازلنا نراهن على أن قوة النسيج الاجتماعي ستطرد المندسين وأصحاب الفتن.. لازلنا نراهن على أن حل مشاكلنا قاب قوسين متى طابت النوايا.. لدينا كل أيام العام لنتنابز ونتشارع ونضج ونتبرم .. ولكن اليوم هو يوم الوطن الذي يجمعنا.. كل عام والبحرين بخير.. وشعبها بخير.. ونبسط أكفنا داعين أن يكون الغد أجمل وأفضل كما نحلم ونأمل.. 

عاشت البحرين حرةً عربيةً مستقلةً.. وعاش شعبها الأبي متكاتفاً معطاءً رائداً متسامياً..