للوطن :

وسط عراك يومي على الخبز والمكاسب، ومقارعات يومية على ما ”يسوى” وما لا قيمة له، خطفتنا عجلة الحياة عن السؤال الكبير الذي لا يبدو أن أحدا ما يتوقف ليسأله:
إلى أين تذهب البحرين؟! 
أحيانا يتراءى للناظر أننا في قطار أهوج له كبائن قيادة عدة، وتحركه آلاف الأيدي ولا وجهة معروفة له.. تخدمنا الصدفة أحياناً.. وتخدمنا ”البركة” كثيراً.. ولكننا نمشي من غير هدى من نقطة غير معلومة.. لنقطة أخرى غير معلومة.. 

نحن في وطن شهد تراجعاً مخيفاً في مجالات إنسانية عدة كنا يوماً فيها رواداً.. ولا نبالغ إن قلنا إن دول الجوار الشقيقة كلها -التي كانت يوماً تنظر لتجاربنا بإكبار وانبهار- سبقتنا في هذا الأمر أو ذاك.. في التعليم صرنا قبلة لطالبي الشهادات ”المضروبة والتعليم المسلوق.. 
في الفن لم نستطع، ونحن الموسومون وسط أبناء الخليج بالمثقفين المبدعين، أن نقدم للناس عملاً واحداً يحقق نجاحاً ساحقاً؛ أو نجماً غنائياً كاسحاً أو كتابا ”يكتسح المبيعات”، وكأن البلاد عقمت عن إنجاب نجوم، ومن لدينا من فنيين وفنانين ناجحين نسبياً نعير نجاحهم للآخرين ولا نبالي. في الرياضة نتقدم خطوة ونتأخر أخرى، ولايزال موقعنا في الخريطة الرياضية مبهماً، وكيف لا ورياضيونا يعيشون شظف العيش الذي تحدثنا عن صوره المخزية مرارا.. 

إلى أين تذهب البحرين؟

سؤال مخيف.. يقض مضجع كل غيور على هذه الأرض.. 
على صعيد أعمق ليست هناك سياسة واضحة للتعاطي مع المشكلات المتجذرة التي لا تزيدها السنون إلا تعقيداً.. ففي بلد تعاني من أزمة إسكانية خانقة كالبحرين يتراكم فيها أكثر من 45 ألف طلب إسكاني معلق، لا توجد سياسة، لا لتلبية هذا الضغط المتصاعد فحسب، بل ولا توجد سياسة حتى لتوزيع الوحدات السكنية!! فهي الأقدمية حيناً، وحسب ”القرب الجغرافي” أحياناً، ووفقاً للتقدير والمزاج أخرى.. وبالنتاج يحصل البعض على منازل بعد 4 أعوام فيما ينتظر غيرهم 20 عاماً بحسرة، وهو ما يخلق غضبةً مجتمعية تغلي كالجمر تحت الرماد.. وليحفظنا الله من اليوم الذي ستتفتق فيه الجروح..!!

على صعيد صحي، تعاني الخدمات في البلاد من ضغط قاصم للظهر؛ ووفق لتصريح لوزير الصحة أن فاتورة الخدمات الصحية ترتفع بجنون وسوف تصل إلى 550 مليون دينار بحلول العام 2025 بشكل لن تعود الدولة معه على الأرجح بقادرة على تقديم الخدمات الصحية مجانا.. وهي معلومة -لا مراء- متوقعة؛ في ظل التلاعب الديمغرافي الذي رفع معدلات النمو السكاني لدينا لمستويات فلكية لا تستطيع عجلة الخدمات ولا البنى التحتية مجاراتها!!

إلى أين نذهب؟!

4 دول خليجية من أصل 6 نجحت في تحسين ترتيبها الدولي في تقرير مدركات الفساد للعام 2009 وهي قطر والإمارات وعمان والسعودية.. فيما تراجع ترتيب الكويت والبحرين التي تأخرت 3 مراتب دفعة واحدة، فيما تقدمت السعودية -مثلا- بمقدار 17 نقطة!

على صعيد اقتصادي، هناك تساؤلات عدة مقلقة.. ما سر تراجع مستوى الدخل الفردي بهذا الشكل رغم كل ما يقال عن نجاحنا ومنجزاتنا في هذا المضمار!! لماذا لا تتعدى قيمة الاستثمارات الأجنبية في البحرين 1.8 مليار فقط من مجموع الاستثمارات الأجنبية في الخليج البالغة نحو 63 مليار دولار، رغم كل ما هيأته البحرين ووفرته للمستثمرين من عوامل جذب؟!

إننا بحاجة لوقفة مع أنفسنا.. هناك خلل ما قابع في مواقع ما ولا نفع يُرتجى من إشاحة النظر عنه.. فالوضع ليس جميلا والهتاف المستمر -المثير للاشمئزاز- للأوضاع القائمة لم ولن يخدم يوما أحدا..

– يتبع..