للوطن :
المتصفح لأسماء الشخصيات التي تشغل مقاعد مجالس الإدارات والمناصب الاستشارية للمؤسسات والشركات الحكومية الكبرى ”أو تلك التي تهيمن الحكومة على أسهمها وقراراتها” لا يملك إلا أن يلاحظ التكرار اللافت للأسماء. فظاهرة المسؤول (المولينكس) باتت من الاتساع بمكان بات معه التساؤل ضرورة:
فإما أن البلاد خالية من الكفاءات وعليه؛ وكنتيجة لا مفر منها؛ يضطر المعنيون لاختيار الشخصيات ذاتها للعب أدوار مختلفة في الشأن العام أو.. أن للأمر علاقات بالولاءات والمصالح والسياسات التنفيعية، وفلان أبن مَن؟ وفلان صهر مَن؟ وهذا خيار لاشك مستبعد.. مستبعد جداً؛ لا نزكيه ولا نصدقه؛ فحاشا وكلا.. ثم حاشا وكلا.. وتأبى المروءة.. أن يكون هذا هو معاذ الله- مرد الوضع في ما نراه ونعيشه!!
على سياق متصل نرى أن بعض الشخصيات ودونما مسوِغ ملموس- يتنقلون من وظيفة لأخرى؛ ومن منصب قيادي لآخر يعلوه.. رغم تواضع إمكاناتهم ومع أنهم ما أثبتوا نجاحاً ولا تميزاً في موقعهم الأول، ولا يملكون مقومات تبشر بقدرته على النهوض بمنصبهم الجديد – ومع ذلك- تجدهم لا يستقرون على كرسي من فرط الفرص!! يولد هذا بلا شك غصةً لدى ذوي الأهلية ممن يتم تجاهلهم؛ وغصةً إنما من نوع آخر- في حلوق أمثالنا من المحبطين جراء الجمود العام وبطء حركة التطوير وغياب الرؤية في كثير من المؤسسات. غصةً تتصاعد بشكل خاص- عندما نرى ”تضارب المصالح” الذي يولده هذا الوضع.. فكثيراً ما يكون هناك أخ في جهة رقابية.. وأخوه/ ابن عمه/ صهره في الجهة التي تتم مراقبتها.. وفي أحيان نجد أن الشخص ذاته موجود في قمة هرم مؤسستين.. إحداهما تطرح المناقصة والأخرى مرشحة للاستفادة منها!!
السيناريو نفسه يقرأ بشأن الوزراء.. فبعضهم يولى أكثر من وزارة وينقل من وزارة لوظيفة استشارية وأحياناً لموقع آخر.. بعض الوجوه تغيب عن الساحة ثم تقفز لها من جديد من خلال منصب جديد..وكأن البلد عقمت بعد أن أنجبت هؤلاء؟! وكأن العباقرة الأفذاذ لا يأتون إلا من نسل عائلات بعينها!! إننا، في عملنا الصحافي؛ كثيرا ما نقابل شخصيات مغمورة ونتقاطع معها في المؤتمرات والندوات وسواها.. شخصيات؛ متمكنةً متعلمةً فذة ولكنها مطمورة.. بعضهم حصد تقديراً إقليمياً -ودولياً أحياناً- جراء تميزه.. وتعجب كثيراً وتعجب جداً عندما تعلم أنه مركون على الرف.. أو أنه مرؤوس لرئيس أقل منه كفاءة وأهلية!!
عندما خرجت دول الجوار بجوائز كجائزة حمدان بن راشد للتفوق العلمي؛ وجائزة الملك فيصل العالمية التي دخلت عامها الـ,31 وجائزة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب وسخرت لجوائز كتلك مبالغ تصل لـ4 ملايين دولار؛ لم تفعل هذا بهدف التشجيع فحسب- بل بهدف اكتشاف القدرات الكامنة والدماء الجديدة القادرة على رفع الأداء وإحداث نقلة في العمل.. في قطاع أعمال الشباب فاز بعض شبابنا؛ فأين هم الآن؟! علماً أن بعض مواطنينا سيما في القطاع الاقتصادي- أثبتوا كفاءة منقطعة النظير في إدارة مؤسساتهم وشركاتهم وهم الآن يتموضعون في مواقع مهمة في دول الجوار؛ فلم يُغيب هؤلاء عن المواقع المهمة في البحرين، والبحرين أحق بالاستفادة من قطاف مواهبهم وخبراتهم؟!
إن البحرين ولادة ولدينا مواهب تحلم دول الجوار بها؛ فأعطوهم الفرصة لا شفقة عليهم. بل رأفةً بنا..
وارحمونا من تلك الوجوه التي سئمناها.. والتي لو كان بها مطر لأمطرت؛ منذ زمن بعيد!!
————–
رحيق الكلام:
”إذا وُسِدَ الأمر لغير أهله، فاطلبوا الساعة” أي استعجلوها لأن الحياة عندها لن تطاق..
حديث شريف