:للوطن

مخيم لاجئين هذا أم أن عيني استشكلت؟!
تساءلت لما لمحتُ قبل أيام مخيماً لا يشبه الخيام ينتصف القرى.. مولدات كهرباء وقدور وأمتعة متناثرة وجلسات بها كهول ورجال وعائلات لا يبدون وكأنهم في رحلة ترويح..! فطفقت أسأل – وليتني ما سألت – وأتيتكم بالنبأ..

في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2004 قصد جمعٌ من وجهاء وممثلي قرية النويدرات جلالة الملك حاملين معهم همومهم المعيشية، وقم�’تها مشكلتهم الإسكانية.. ففي قرية بحجم النويدرات هناك 1400 طلب إسكاني معلق؛ منها ما يمتد لـ 28 عاماً مضت (الإحصاء لغاية 2007 فقط).. وقد أمر جلالته – مشكوراً – لهذه القرية وما جاورها من قرى بمشروع إسكاني ضمن مشروع امتدادات القرى الذي طرحته وزارة الإسكان ودشنته بمشروعات كمشروع اللوزي والنبيه صالح والبسيتين..

«حلو»؟
«حلو»؛ المشروع يشمل أربع قرى: العكر، المعامير، سند، إضافة إلى النويدرات، ويوفر لهذه القرى الأربع ما قوامه 230 وحدة سكنية وعشر عمارات بواقع 8 شقق تمليك للواحدة و320 أرضاً..

«حلو»..؟
«حلو».. طار الأهالي بالنبأ والبشارة.. وأرسلوا وفودهم لتحمد وتجزل الشكر.. وتعاقب على مشروعهم ذاك وزيران؛ جد�’د كل منهما العهد للقرى بترجمة وعد جلالة الملك، أسقفاً تظللهم بعد طول انتظار..

«حلو»؟
«حلو».. الأهالي راقبوا المشروع يوماً بيوم: طوبة بطوبة.. وفتحوا نوافذهم على هياكل الوحدات وحملقوا فيها – هم وأبناؤهم – حتى شارفت على الانتهاء.. بعض الزوجات خططن سلفاً لتقسيم البيت.. وجهزت الوحدات أخيراً مطلع العام 2008 وشارفت الأماني على التحقق..

«حلو»؟
لا؛ «مو حلو».. فتلك القرى واقعةٌ بين سواعد 3 دوائر انتخابية.. وقد ارتأى نواب تلك الدوائر أن كعكة تلك الوحدات «دسمة» على أهالي القرى الأربع، وأن ناخبيهم من المناطق المحاذية جديرون بحصة منها..!
وحثيثاً عمل كل من النائبين عبداللطيف الشيخ وصلاح علي، والعضوين البلديين عدنان المالكي ووليد هجرس – دام ظلهم – على الضغط على وزارة الإسكان بكل وسيلة وطريقة لينتزعوا ما يمكن انتزاعه من ذاك المشروع لناخبيهم.. ما سبب فزعاً لأهالي القرى الذين رأوا حقهم ينسل�’ من بين أصابعهم؛ فهرعوا للإسكان، وهناك تلقوا تطمينات مفادها أنهم باقون على الوعد.. بيد أنهم سرعان ما نكثوا بوعودهم تحت الضغط والمساومات!

ومذ�’اك، وبدءاً من فبراير/ شباط 2008 تحديداً، بدأ أهالي المنطقة اعتصاماً مفتوحاً.. وربضوا بمحاذاة تلك المنازل بكل هدوء، وأعدوا مخيماً يجتمع فيه أهالي القرية ليل نهار.. ويبيت فيه جمع من أهالي المنطقة – بالتناوب – كل ليلة ضاربين مثالاً ولا أروع، للتحرك السلمي الحضاري الهادئ.

الشاهد أن المنازل بدأت تهترئ، ولكن عزيمة الأهالي مازالت صلبة بدعم ومؤازرة نائبهم عبدعلي محمد حسن وباقي وجهاء المنطقة.. ولكن الموضوع مازال معلقاً بعد أن أُلبس لبوساً طائفياً وجُيرت المسألة طائفياً – وسُيِ�’ست – دونما مبرر وداعٍ!

سؤالان عالقان يواجه بهم أهالي النويدرات نوابهم وغيرهم ممن يستكثرون على الأهالي تلك السقوف:
إن�’ قال جلالة الملك إن المشروع لقرانا الأربع، فمن أنتم لتسلبوا هذا الحق منا؟!