:للوطن
ماذا يجري في البلد اليوم ؟!
نتساءل باستياء وبغير قليل من الحسرة..
ما هذا التصعيد ”المبالغ فيه” من قبل السلطة والمعارضة وأين تُساق سفينة البلد التي ملأتها الثقوب، وماجت بها الرياح، حتى لنكاد نعجب من صمودها ومقاومتها للغرق إلى يومنا هذا!!
60 معتقلاً سياسياً في السجون على خلفية قضايا أمنية بعد أن صُفِ�’ر العداد – قبلا- مع بدء الإصلاح؛ حرب شوارع في مدينة حمد؛ اتهامات تتعلق بالإرهاب وأسماء ناشطين تزج كمحرضين فيعودون للبلد متوثبين للمواجهة متكئين على ما لهم من مدد من شبيبة الداخل ومنظمات الخارج.. مساجد تُحاصر وأخرى تتعرض للحرق في سابقة لم تشهد البحرين لها مثيلا .. وملتقى ”دعوي” يلمِز المذاهب، لا يختار له منظموه إلا موسم عاشوراء. وجماعة تسمي نفسها كتائب التوحيد تخرج علينا من العدم ملوحةً ”بتسييل دماء الرافضة المجوس” وتهدد الحكومة بالنهوض بمهمة العدل والأمن التي ”تخاذلوا عنها”.. سهام تخوين وتسقيط وتسفيه تقذف جهاراً نهاراً في كل منتدى ومحفل، وكلها تستقر في صدر الوطن؛ معارك تحدٍ وكسرِ عظمٍ باردة ومحمومة نتشارع فيها على كل شيء وأي شيء..؟!
حقاً.. ماذا تريدون بهذه البلد ؟!
ما يكاد يخبو صوت السعيدي، حتى يخرج علينا الخواجة بخطبة عصماء مستغلاً ليلة عاشوراء التي تتفق فيها مشاعر الشيعة ليُسقط الفاجعة على المشهد السياسي البحريني داعياً لإسقاط نظام الحكم ”هكذا بكل بساطة!!!!” وفك البيعة والارتباط النفسي والمصلحي بنظام الحكم ”مهما كلف ذلك من جهد وتضحيات” وكلها شعارات مهلكة؛ تستدر الاشتباك مع السلطة ومواجهات دموية هي آخر ما نحتاجه هاهنا.. شعارات؛ لا نشفق على الخواجة – الذي سيفرج عنه في يوم أو بعض يوم- من أكلافه بقدر ما نأسى على شبابنا الذين سـ”يخمرون” في السجون لتبنيه.!!
وزاد على طين ما قاله، البلل؛ بالترويج لأن وقت المصالحة قد انتهى ووقت المواجهة قد أزف عبر إعلانه أن ”النظام قد ضيع فرصته في التوافق السياسي وضي�’ع معه فرصة السلم الأهلي والاستقرار الأمني”.. وهو قرار لا نعرف من خوله ليتخذه بمعزل عن الجميع بما فيهم المعارضة..!!
كلامٌ لا يفتقر لإمكانية التطبيق فحسب، ولا يجافي الواقع الدولي والإقليمي فحسب، بل ويناقض رغبة السواد الأعظم من أبناء البلد، الذين يلغي الخواجة وجودهم وصوتهم.. ولا نعني بذلك الموالاة بل والمعارضة الوطنية أيضاً.. المعارضة التي حددت – ومن مطلع السبعينات- خيارها بعدم استهداف العائلة الحاكمة بل واحترام القيادة والحكومة – مع التمسك بحقها في المساءلة والنقد والمشاركة في القرار- وهو قرار رشيد سديد خو�’لنا التحرك بضع خطوات للإمام، وبناء ثقة نسبية تسمح لنا بالتنفس والحياة؛ إلا أن معولاً واحداً كافٍ بلا شك لهدم ثقة بُنيت – بعناء- عبر السنين..!!
على الضفة الأخرى لا نشك أن شعارات كهذه قادرة على دغدغة وتحريك مشاعر البائسين من أبناء البلد الذين يتآكلهم الفقر والتعطل وتجرحهم السياسات التمييزية، ولكنها تحركهم خلاف مصالحهم.. وإن لم يكن الخواجة يعبأ بالعواقب الشخصية لخطابه فليعبأ بالعواقب العامة، وما سيخلقه من نفور واستنفار وشرخ بين الشعب وقيادته ؛ وبين الطوائف نفسها!! نعم للمعارضة هواجسها، وللمواطن همومه وملفاته التي يُراد لها أن تحلحل.. أما المطالبة بإسقاط الحكم فلعب.. لعب بالعواطف.. والنار..
– يتبع