:للوطن

إن قال القضاء كلمته وأثبت تورط هؤلاء الشباب في مخططات إرهابية لتقويض الأمن وقتل الأبرياء، فأعدموهم، ولن يرتد لنا جفن.. أما الآن فلا مسوغ لكل هذا الشحن والنفخ والضغط على الجميع ليتخذ مواقف بآلية «لا تكن معنا لنصنفك ضدنا» أو «لا تدين؛ لنتهمك بالتواطؤ والتعاطف والرضا»!..
فنحن نقدر الداخلية – كجهاز وأفراد – من وزيرهم الموقر حتى سُعاتهم، ولكننا لسنا مرغمين على أن نتبنى رأيها لنكون مواطنين «صالحين».. ولن يأخذنا أحد «بالهوجة» ليدفعنا للتحيز إلى موقف لا نعلم مقدار عدالته.. كما أن أجهزة الإعلام «بضيوفها المتحيزين وخطاباها التخويني» لا تدفعنا كمجتمع إلا إلى مزيد من الشك، خصوصاً أن الكل يرى كيف يتم التعاطي مع القضية بشكل «سياسي» لا «أمني» في مساع لا تخفى أبعادها ولا أهدافها عن أحد!..

فنحن – كشعب وقادة الرأي – اليوم أمام خيارين عقيلين – ثالثهما ورابعهما ناقص – فإما الكف عن النفخ والتشهير والتضخيم لجريمة لم تقع ولم نرَ منها إلا ما أريد لنا أن نراه؛ وإما تغير المادة 20 من الدستور التي تقول صراحة إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لتكون: المتهم «مدان» حتى تثبت براءته!..

وإن كان لبعض الكتاب والعامة والسياسيين الطارئين أن ينساقوا وراء هذه الموجة فليس للشوريين والنواب الذين أقسموا على الدستور وحمايته، أن يفعلوا.. فذاك ليس نكوصاً على الدستور والقانون فحسب، بل هو نسف لأساس العدالة، ومبدأ راسخ في القانون الجنائي في العالم أجمع.. وهو قبل ذاك مبدأ إنساني شرعي، بُنيت عليه المواثيق العالمية والحقوقية كافة. 

ونحن – كأناس نتقلقل بين الشك والتصديق – نريد من أجهزتنا الرسمية أن تعرض آراءً متوازنة منصفة، لا آراء أشخاص معروفين بموافقتهم للحكومة وإن قالت إن الشمس تشرق من المغرب! ولن نقول هنا إننا نريد موقف الحقوقيين الذين يرونهم «مسيسين منقلبين على الوطن».. ولا نريد رأي رجال الدين ذوي الخطاب التحريضي المعارض، بل ولا نطالب رأي الجمعيات لانسجام خطابهم مع المعارضة، ولكن – على الأقل – نريد رأي المحامين البحرينيين الذين هم محل ثقة الجميع بأطيافهم كافة. ولتأت أجهزة الإعلام الرسمية علينا بهؤلاء ليقولوا إن الشباب مذنبون لنصدقهم .ونشك – سلفاً – أن أحداً منهم سيفعل؛ لأنهم لا يصنفون متهماً على أنه مجرم حتى يدان في محاكمة عادلة يرافقه فيها محامي دفاع «في جميع مراحل التحقيق».. وهو ما تعيه تلك الأجهزة التي تعمدت تهميش دور المحامين في هذه القضية!

عموماً.. إن شك الناس في ما رأوه ليس بمفاجأة لأحد؛ فهؤلاء يبنون شكوكهم على تاريخ طويل من الحوادث المشكوك فيها بدءاً بالسبعينات وصولاً إلى قضية الشرطي محمد أصغر الأخيرة الذي قيل انه قتُل وهو ميت ” وشابع موت” قبلها بأشهر!! 

أضف إلى ذلك أن الناس – لا من منطلق طائفي بل من منطلق العدالة – مضطرة إلى المقارنة بين الأسلوب الذي تم التعاطي به مع خلية اكتشفت بأسلحتها ومخططاتها ومراسلاتها مع الخارج؛ وخلية لا تملك الأجهزة الأمنية لإثباتها إلا اعترافات شباب مغمورين لا يبدون كأصحاب فكر ولا مؤمنين بقضية ولا يفقهون في السياسة حديثاً..!

ورغم كل تلك المؤشرات لن نكذب الداخلية – بعد – ولن نقول إن ما عرض مخطط متواضع الخيال والتنفيذ – بعد – فنحن لسنا بمحققين ولا قضاة، ولكننا نريد للقضية أن تأخذ مجراها من دون إشغال للبلاد والعباد.. وخلط للحوابل بالنوابل «بالتوابل».. ولا نريد لأحد أن يستغل هذا الموضوع لشحن حملاته القديمة برايات جديدة.. ولا نريد مطالبات عقيمة على هامش الحدث. 

تصرفوا بمسؤولية رجاء.. فالسفينة لا تحتمل مزيداً من الخرق.