:للوطن

من البلايا التي تضحك وتجرح – وما أكثرها هاهنا- هي صور مهربي وتجار المخدرات تنشر للتباهي بين الفينة والأخرى.. والتي ترى فيها صور مهربي / تجار المخدرات بكنزاتهم المتهرئة وأحذيتهم البالية وهم يشبكون أيديهم المشققة كلحاء الشجر بمحاذاة بضاعة تساوي مئات الآلاف من الدنانير..!! بضاعة لو ملك أحدهم عُشر قيمتها لما غشى وجهه البؤس والشقاء ولتمكن من شراء حذاء تفوق قيمته الـ4 دنانير..!! كثيراً من هؤلاء يُفرج عنه – لحين المحاكمة- بكفالة قدرها 500 دينار فيعجزون هم وذووهم عن توفيرها.. ورغم ذلك يقدمون كـ” قرابين” للمحاكمة ليتحصلوا على أحكام تتراوح بين الـ10-15 عاماً لكل منهم !! 
الاستماتة في ضبط المخدرات المهربة للبلاد – ومنها للخارج بالطبع باعتبار البحرين نقطة توزيع للمنطقة- أمرٌ محمود ومنقوص.. فضبط طن من الحشيش أو الهروين أو الحبوب المخدرة ليس بغاية المراد.. والقبض على 100 مروج أو مهرب صغير ليس بإنجاز؛ وحتما ليس بإنجاز يضاهي قيمة ضبط رأس واحد من الرؤوس الكبيرة المتضخمة من تجارة المخدرات ..

فقبالة كل كيلو يُضبط هناك 10 كيلوات تمر بسلام.. والمهرب الصغير الذي يُحبس؛ يمكن استبداله بعشرة مهربين من هامشي الطالع الذين يؤثرون حضن الشيطان على الحياة المعسرة التي يعيشون.. فهؤلاء أدوات.. وأدوات سهلة الاستبدال.. وحبسهم لا يعني الكثير للبلاد لأن خطر قبيلة منهم لا توازي خطر متنفذ واحد من أباطرة تجارة الهلاك والضياع الموسومة بتجارة المخدرات.. 

وقد استحلفت التحقيقات الجنائية ذات مرةً سائلةً إياهم ” بالله عليكم؛ أهذه أشكال تجار مخدرات” واعتبرت صمتهم رداً ولا أبلغ وأوقع..!! 

أعيد السؤال هاهنا في حضرة الحديث عن المغدور به حسن قمبر الذي صفع ذويه بالحكم عليه بـ15 عاماً وبغرامة مالية قدرها 10 آلاف دينار.. غرامةٌ لما سمعت بها الأم شهقت؛ وركضت لخزينتها تستل منها وثيقة البيت الذي يأويها طالباً من ابنها البكر بيعه ظناً منها بأنها بذلك ستنتزع ابنها الذي فارقته منذ 21 شهراً من حضن العذاب .. بيد أن انتزاعه اليوم يتطلب ما هو أكثر من المال.. يتطلب فزعة رسمية تنجي شباب هذا البريء من الضياع.. وهي فزعه لا تكلف الكثير.. فمكالمة هاتفية عالية المستوى قد تحل هذه القضية والجميع يعرف عمن نتكلم.. وأضعف الإيمان ان تطالب البحرين بتسليمه لبلاده ليحاكم فيها وأفق العلاقة بين الدولتين لاشك يسمح بذلك ..

علما بأن الحكم الذي صدر بحق قمبر هو حكم خجول بالبراءة يدحض أية شكوك كانت تحوم في النفوس حول براءته.. فتهريب المخدرات تهمة لا تؤخذ بخفة في الشقيقة السعودية ويعاقب عليها بالإعدام دون أخذ أو رد لمهرب كيلو المخدرات؛ فما بالكم بمهرب 40 كيلواً وفق ما يتهم به مواطننا قمبر !!

إننا نطالب السلطات البحرينية بسبر غور الأمر برمته.. فلا حسن – ولا حتى جاره الشقي الذي ورطه- هما معضلتنا.. معضلتنا هي حيتان تشق عباب البلد وتحرق شبابها.. حيتان يجب أن تتخذ تلك القضايا معبراً للوصول إليهم وتطويقهم.. فكل المخدرات التي تُضبط ؛ وكل صغار المروجين الذين يزجون في السجون؛ لم يجففوا سوق السموم .. تلك السوق التي يستعمرها رؤوس الفساد الذين يعلون على القانون إلا قليلا..