:للوطن
كثيرون يفسرون صمت الإخوة السنة على أنه رضاً وقبول بالأوضاع العامة في البلاد لكونهم لا يمتعضون ولا يتذمرون كسواهم.. وربما يس�’ر البعض في نفسه فكرة أن السنة يعيشون أحوالاً مغايرة تماماً لتلك التي يعيشها الباقون، وبالتالي فهم راضخون قانعون بسياسات الحكومة وقراراتها، بيد أن الواقع أن البحرينيين كلهم أخوة في الهم كما هم أخوة في الدم.. صيغ المعاناة وأشكالها تختلف بين فئة ومنطقة لأخرى ولكن المعاناة قائمة.. أما الصمت حيالها فهو على الأرجح وليد غياب قيادات جريئة تشجعهم على البوح والجأر بظلامتهم، لكون قيادتهم غالباً ما تُحي�’د أو تشترى على عجل بمنصب أو عطايا أو تخرس ملياً ؛ لأن من يديرون المشهد العام غير مهيئين لمعارضة سنية متمكنة؛ ولا خلاق لهم بها أيضاً..!!
الفكرة أعلاه هي ما سيطر عليَ�’ أمس الأول وأنا ألج طرق الرفاع وأمر بأزقتها أنشد الوصول لبيت الطفل الذي هتك عرضه قبل أيام على يد 4 مجنسين لأجري معه الحوار الذي ينشر اليوم، والذي لا أنصح بالمناسبة ذوي الأحاسيس المرهفة بقراءته.. وقد وجدتني حينئذ – وبعد تجاوز الشوارع النظيفة الأنيقة التي يختزل الكثيرون منا صورة الرفاع بها – وسط أحياء لا تختلف جذرياً عن طرقات وردهات القرى.. شوارع مهملة وبنى تحتية رثة ونظافة متردية وخدمات لا تستحق أن تسمى بخدمات.. حينها تمتمت: سقى الله البحرينيين كلهم في الهم سواء.. لا فرق في ذلك بين ساكن أزقة الرفاع وقاطن المنامة أو النويدرات !!
تلك الصورة لم يبددها الجلوس وسط العائلة المضيافة الكريمة ووجهاء المنطقة الذين سكبوا آلامهم لنا سكباً.. فبوضع قضية هتك عرض ابنهم المؤلمة جانباً فتحنا موضوع معاناة أكبر لأهالي الرفاع مع هذا المزيج الذي استولى على منطقتهم وجعلهم غرباء فيها.. فأهالي الرفاع وعسكر والبحير والمحرق والمناطق السنية الأخرى هم أكثر الناس معاناةً من التجنيس.. لا ينبرون للعن ورجم التجنيس ليل نهار كغيرهم؛ ولكنهم من يدفع ثمنه ليل نهار.. فالمجنسون لا يتجرؤون على السكنى في القرى.. كما أن الأهداف الانتخابية التي جنسوا – إجمالا- من أجلها حتمت مركزتهم في مناطق بعينها. وبالنتيجة تحول أهالي تلكم المناطق لأقلية: فبيوتهم مطوقة بمنازل العزاب والمجنسين من مختلف الأصول، وهو ما افقد المنطقة هويتها وصبغتها. بالطبع بعضهم اسر كريمة هم مكسب للبلاد لاسيما أولئك الذين جنسوا “ على أصول’’، ولكن كثيراً منهم شُرف بالجنسية اعتباطاً ليكون طابوراً خامساً يشق على أهل البحرين معاشرته والتعاطي معه !!
فهي المشاحنات والشجارات اليومية من جهة “ والتي لا يطفح للسطح منها إلا ما يصل لمرحلة دموية’’، وهي السرقات والجرائم والتهديد من جهة أخرى، أضف إلى ذلك العادات والألفاظ الغريبة التي غزت قاموس أبنائهم وجعلتهم ينتظرون فسحة للفرار من المنطقة لمناطق أخرى أكثر تجانساً.. كثير منهم للعلم باتوا أسرى في بيوتهم يخشون ترك أبنائهم في الطرقات لاستشراء الجريمة فيها..وحادثة هذا القاصر البالغ من العمر 16 عاماً الذي خُطف من على بعد خطوات من بيته، وفي الساعة الخامسة عصراً شاهد على واقعية ظنونهم..
ورغم أن الأخوة في الرفاع لا يحبذون معارضة سياسة الحكومة في شيء إلا إنهم حملونا رسالةً بما يشبه العتب- من فيض ما بهم- ولسان حالهم القول “تبهدلنا’’.. وكلهم أمل اليوم أن تفعل الحكومة البند القاضي في قانون الجنسية بسحب جنسية كل مجنس يرتكب جريمة في الـ10 سنوات الأولى لتجنيسه ..فالقيادة لا ترضى أن يشاطر أبناءها أرضهم من يتعدى عليهم وينتهك حرماتهم وحبر جوازاتهم لم ينشف بعد.. أوليس كذلك !!