:للوطن

عودة الحرق.. وأعمال الشغب المتفرقة وفي توقيت لا تأويل له إلا بأنه استبسال في إحراج الحكومة البحرينية أمام زوارها أمرٌ نكر.. معيب في الواقع.. فإحراج الحكومة هو إحراج للدولة؛ وخسائرنا كشعب من هذه المماحكات لا تقل – للعلم – عن خسائر الحكومة..!! 
الآن؛ وفيما نحن نسعى إلى ترقيع العلاقات.. لإعادة نسج وشائج الثقة الذابلة.. لترميم جدار الوطن الذي كاد أن ينقض مرات وأمراراً لولا أن الله سلم.. تباغتنا معاول الهدم هذه التي تضرب الطين الرطب الذي لم يشتد بعد لتكذب بذلك صادق أمانينا في أن الغد سيكون مختلفاً.. وتعطي ذرائع لمن شكك – ابتداءً- في جدية المعارضين في قلب الصفحة؛ وتدشين مرحلة جديدة تعدو وسائل التخاطب فيها الإطارات ومسيلات الدموع.. ولا تتقد بنار الحاويات ولا تنتهي بالأصفاد المحيطة بمعاصم شباب لم يبلغ بعضهم سن الرشد بعد!!

فخطوة جلالة الملك القاضية بالإفراج عن موقوفي القضايا الأمنية لم تقابل بالتهليل والتبريك من الجميع.. فهناك من أقام مجالس الحداد ووزع القهوة السوداء بدلاً من ”الشربات” أسىً وحزناً على الإفراج عن هؤلاء ”المعتدين الآثمين”..!! 

لأول مرة ربما سمعنا – حتى أقلام السلطة التي لا تفوِ�’ت فرصة لتلميع مواقفها وإعدام مصداقية منتقديها- يواجهون العفو بغضب مكبوت وبمديح باهت متدثر بدثار التشكيك في جدوى الخطوة وتداعياتها الخطيرة.. لأول مرة ربما؛ لم يستطع حتى كتاب السلطة من أصحاب الضغينة على كل معارض أن يقبلوا منطق العفو فبطنوا كل ما قالوه بسيل من التهم..!! 

في الشارع نشأ تيار ليقول ”لأني سني لا يفرج عني” أعرب عن استيائه -جهراً هذه المرة- عبر وسائط مرئية وبيانات واعتصامات؛ وهذا حقهم على ما نعتقد، فهذا هو رأيهم الذي وجدوا له الآن على ما نعتقد ما يدعمه في الواقع.. فيما يحار من هللوا للخطوة كمحدثتكم كيف يفسرون إصرار البعض على أن تراوح الأمور مكانها ونعود من حيث البدء بعد أن نزحنا عن المربع الأمني قليلاً!! 

يقول قائل هاهنا.. أوَ نؤخذ بذنب الجهال المراهقين؟!؛ قادة المعارضة دعوا إلى التهدئة فكيف نعاقب جماعياً على فعل بضعة صبية؟! وهو قول تسهل مجادلته من قبل المتصدين.. والحق أن الرموز اليوم مطالبة، وكما أسست لفكر المواجهة، عليها الآن أن تؤسس لفكر جديد في التعبير والاحتجاج يُشعل الشموع بدل الإطارات.. ويتربع في صمت ناطق ليعتصم عوضاً عن أن يحتج بالملتوف. 

في القرى ومناطق التماس قلنا مراراً إننا بحاجة للجان أهلية قوامها أهالي القرية تقوم على التناوب على حفظ أمن القرية وردع الصبية عن الإضرار بمنشآتها وأعمدتها وإعاقة طرقاتها.. وعلى الداخلية أن تدعم تلك اللجان بكل السبل، وعلى القرى أن تشجع على تلك اللجان لتجنيب المنطقة محنة المواجهة ودخول قوات الشغب بمسيلات الدموع والقنابل الصوتية لمناطقهم ومعاناة انقطاع التيار الكهربائي عنهم في موسم الصيف الخانق.. 

لقد حان الوقت لننتفض على وسائلنا القديمة في الاحتجاج ونؤسس لأخرى حضارية لا تعيدنا لمو�’الٍ قميء لم يعد علينا حتى اليوم بفائدة ولم نجنِ منه إلا الوبال..