للقلب والروح :

ذاك السؤال – على ابتساره وبساطته- يتعرض لهاجس غير منطوق يحيُر البشرية.. 
ففي الحياة هناك مشكلات عابرة، معارك شرسة دموية ضارية ،ربما ولكنها عابرة تمرُ�’ خاطفةً قاطعةً كطعنة السيف النافذة للقلب؛ أو متثاقلة كفصل الشتاء ولكنها في النهاية صفحاتٌ وتُطوى في سجلات الحياة، قد تتشافى جروحها بسرعة كما الخدوش في الأجساد الفتية أو قد تبقى وتصِم الروح بوشم غائر لا ينتزعه الزمن ولكنها ،على أية حال تمر؛ كلحظات لا يبقى منها إلا نفحات تحملها رياح الذكرى.. 

ولكن ،، 
ثمة مشكلات تأتي لتبقى لا يمكن اختصارها ولا الهروب منها، تأتي لتسكن في الحلق كغصة أبديه تأبى أن تزول، تأتي لتهاجم غصنك كما الجراد وتفرض نفسها عليك كالحمى وتنخر حياتك كما يفعل النمل الأبيض في الخشب. فالإعاقة ، المرض سيما إن مس�’ أبناءنا أو عزيزا وكذلك الفقر ذلك الصاحب القيء الذي يسكن حنايا بيوت فلا يفارقها، فقدان وطن أو فراق محب كان لك بمثابة العش الذي تطوي جناحيك فيه فتسرقه الحياة منك أو تصدمك فيه، طيف واسع من المشكلات هو ليس لها حلٌ ظاهر.. أو لها حل لا تصله يداك.. مشكلات تشعر معها أن شجرة صبار نبتت بين شفتيك فلا يزيدك الحديث فيها إلا جروحا ,, 
زمالة تلك المشكلات قد تحو�’ل الحياة لكرنفال لا يهدأ من الأعباء والأحزان،سيما إن وجدت نصل حربة الألم موجهاً لخاصرتك ليل نهار.. فتثمل وتنام على ضجرك ليوقظك ضجيج القلق،قد نهرب من تلك الحقيقة طويلاً ولكن .. نعم .. ليس هناك حل لكل عقدة ولا مخرجٌ لكل مشكلة، كما اقترحت علينا الأمثال الشعبية الموغلة في تفاؤلها وسطحيتها أحيانا ..
فما العمل عندئذ يا ترى..؟!
استسلم ..هكذا ببساطة ،استسلم لأقوى قوى الطبيعة التي خلقها الله .للقوة التي تَقهر ولا تُقهر، للقوة الصامتة التي تنتصر دائما وتفاجئك دائما.. سأعرفكم على تلك القوة الخارقة إن كنتم لها جاهلون: إنها قوة الوقت.. الوقت الذي يكسر الظلمة ويتكفل بالعتاة.. الوقت الذي يسقط الأقنعة ويصقل المعادن.. الوقت الذي يجعلنا ولو بعد حين- نألف حتى الألم والهزيمة والحرمان ونتصالح مع ما حملته الأقدار لنا، الوقت الذي يبرئ الجروح الجسدية، وتلك النفسية،الوقت الذي يتكفل بالأحقاد، ويتكفل بإماطة اللثام عن الخبثاء،الوقت الذي يغير مع الوقت المعادلات كلها ويجعل ضخام المشاكل أقزاماً ويقلب الفصول ويريك الربيع بعد الخريف.
لبعض المشكلات التي تستعصي عليك .. استسلم ولا تبالِ .. ولا تمعن في مواجهة عدو أقوى منك.. فالاشتباك المستمر مع مشكلات عصية قد يفقد الحياة بهجتها ويفقد المرء رغبته في الحياة.. والأخطر: أن صراعك هذا قد يجعلك لا ترى العشب النابت حولك فتدهسه دون أن تدري.. كان شاعر فرنسا لامرتين يردد على الدوام ” المرء ضعيف.. والساعة قوية” .. فتذكر ذلك دوما وأنت تخوض معركتك الكبيرة في الحياة مع مشكلة أكبر منك وتذكر.. أن الله أكبر.. وأن أحلك ساعات الليل هي تلك التي تسبق انبلاج الفجر.
رحيق الكلام: 
لا تشقِ نفسك بمناطحة جبال مشكلات لا تملك نسفها.. ارجع للوراء خطوة.. ودع الوقت يقوم بالباقي.