:للوطن

شخصياً، لا أعتقد أن أداء كتلة الوفاق كان بالوهن والضعف الذي يرو�’ج له البعض. كما ولا أراها -كما يفعل نوابها- مسؤولة عن منجزات البرلمان الكبرى كعلاوة الغلاء ومشروع البيوت الآيلة للسقوط.. وهي ليست وحدها -كما تتباهى- من أدت لزيادة موازنة الإسكان والدفع بمشروعات القوانين الـ150 التي أحيلت للمجلس.. فالوفاق -للمرة الأولى ربما- عملت ضمن منظومة كبيرة فيها المجتهدون المخلصون “من الكتل كافة’’ وفيها من هم دون ذلك.. وحتى إخفاقات كتلة الوفاق لا تُختصر فيها: فبعض الكتل أجهضت أجن�’ة مشروعات وفاقية كانت ستأتي بخير كثير؛ أضف إلى ذلك أن كثيراً من خطواتها المجدية تعثرت بفعل ضعف المجلس العام وانقسامه على نفسه.. بالمفاد، لا المنجزات بخالصة للوفاق ولا الإخفاقات صنيعتها وحدها، وهذا ما في ذاك.. 
إلى ذلك، فإن الناظر لحراك الوفاق في المجلس سيجد أن نشاطها مختزل في بعض شخوصها المتمترسين خلف تعليمهم العالي وخبرتهم العملية المتميزة.. 6 نواب من أصل 17 نائباً أبدعوا، فيما لم نرَ للباقين صيتاً، ولم نسمع لهم ركزا؛ لا في البرلمان فحسب بل في دوائرهم أيضاً التي عانت من غيابهم عن همومها “وما نقوله ينسحب على أعضاء المجالس البلدية الذين يُدمي أداؤهم القلب ويفجع الخاطر’’!!

نقول.. إن مقارنة أداء كتلة الوفاق، الأكبر عدديا في البرلمان، بغيرها من الكتل الصغيرة إجحاف.. لذا فإن المقارنة يجب أن تكون فردية بين أداء نائب وآخر عبر النظر لما قدمه لناخبيه -من منظور خدمي- إضافة إلى النظر في مواقفه تجاه الملفات الوطنية.. لو أرادت الوفاق حقا أن تختبر أداءها شعبياً فعليها أن تزج�’ بنواب 2006 ذاتهم كمرشحين لانتخابات 2010 لتذوق طعم الحقيقة المرة، ولا ننصحهم بهذا للأمانة؛ خشية أن يخسروا نصف مقاعدهم.. فواهمة هي الوفاق إن اعتقدت أن الناس ستتساهل مع النواب الذين قص�’روا مع أهل مناطقهم.. وواهمة أكثر إن كانت تعتقد أن هيبة “القائمة الإيمانية’’ ستكفيهم خناجر مساءلة الناخبين الذين صدموا بأداء نوابهم.. 

من الحصافة أن لا تعو�’ل كثيراً على القوائم الإيمانية ولا على ذاكرة الناس القصيرة؛ فالجماهير -التي رب�’تها الوفاق على قاعدة إما الأبيض أو الأسود- لن تسامح لها وعودها الكبيرة/ المتفجرة/ الخطيرة ولن تنساها، وإن فعلت فستجد -دائما- من يذكرهم بها في الوقت المناسب!!

وفاق اليوم يجب أن تكون أنضج مما كانت قبل التجربة التي مك�’نتها من رؤية المشهد بأبعاده الحقيقة. وعليه ننتظر منها أن تثبت للجميع أنها صارت أقل انشغالا بذاتها وبجماعتها وأكثر حرصاً على توحيد المعارضة وقيادة صفوفها.. ولن يتأتى ذلك إلا عبر قائمة مدروسة تجمع الشخصيات اللامعة في الوفاق مع شخصيات أخرى لا تقل بريقاً ومصداقية من المستقلين والتكنوقراط والمعارضين.. 

فإن كانت الوفاق تريد مصالحة جماهيرها، ومصالحة الحلفاء والنخب، فعليها أن تخرج لنا بقائمة مغايرة وفكر يفعل رؤيتها للمستقبل والطريقة المثلى للتعامل مع الصراعات الخفية والعلنية مع السلطة ومع سواها من القوى. 

تلك نصيحة أجمع عليها الكثير ممن أرادوا إخلاص النصح للوفاق وتجويد أدائها.. لها أن تأخذها، وغالبا ما ستتركها، ولكنها ستكون حينئذ الخاسر الأكبر إن هي صم�’ت آذانها عن الخطوة الوحيدة التي تبدو منطقية الآن: الاستقالة من تمثيل شطر من المعارضة بغية التحول لمظلة تحتوي المعارضة الوطنية بتلاوينها وأطيافها كافة..