عين على الفساد : إجهاض سمو ولي العهد رئيس مجلس التنمية الاقتصادية مشروع ما سُم�’ي «البيوت الذكية» هب�’ كنسمة عطر على الشعب البحريني الذي تبادل التهاني حتى يوم أمس.. ففي دواخل المواطنين كان هناك هاجس لجوج يقول إن النواب سيخذلونهم في اللحظات الأخيرة؛ أو أن عجلة الإرادة الوزارية ستمرر على ظهورهم شاء من شاء وأبى من أبى كما حصل مراراً.. وثمن الجميع خطوة الأمير – لا لكونها انتصرت لرغبة البسطاء والاقتصاد الوطني – بل لأنها حملت مؤشراً لوجود من يستمع؛ ويتقف�’ى الإرادة الشعبية ويُعلي رغبة المواطن على هرطقات المستشارين.. ولأن سموه أمر بإيجاد بديل سريع يتلاقى وتطلعات الأسرة البحرينية.. ولأن عنب المكاسب، لا رأس الناطور، هو ما يهمنا.. فلنا مع وزارة الإسكان «كلمة رأس» وهي تدرس بدائلها وخيارتها..
* لو نش�’طت الوزارة ذاكرتها لوجدت أنها استخدمت – سلفاً – مدينة عيسى كمعمل تجارب لكثير من طرق البناء.. فهناك البناء الكلاسيكي؛ وهناك البيوت التي شُيدت بطريقة (الفايكنج) الموجودة شرق نادي مدينة عيسى (تماثل البناء الذي اقترحته الوزارة حديثاً).. وجربوا الخرسانة سابقة الصب كذلك، ولكنهم عادوا للبناء الكلاسيكي مجدداً.. فللبحرين، الطرق الحديثة للبناء (ذات الجودة نعني) أكثر كلفة من البناء التقليدي المعتمد على الأسمنت والطابوق بسبب رخص الأيدي العاملة ومواد البناء مقارنةً بالدول الأخرى كأميركا وأوروبا وغيرها، وهو يجعل البناء الكلاسيكي بالنسبة إلينا أرخص وأكثر عملية.. وللوزارة إن أرادت أن تعيد تجاربها مجدداً لتكتشف ذلك بالطريقة الصعبة..
* قطع كبير من غليان المشكلة الإسكانية اليوم بالمناسبة ليس وليد تأخر الطلبات؛ وواهم من يقول بذلك، فالبحريني ينتظر خدمته لـ 10 و15 عاماً – وبصمت – شريطة أن يعرف أنه لن يُغبن في التوزيع.. وآلية التوزيع في الإسكان – إلى اليوم – مجهولة.. لذا على الوزارة، إن�’ أرادت أن تنحو بالمشكلة الإسكانية عن المزايدات السياسية والطائفية؛ أن تحسم خيارها وتعلنه: أستكون الأقدمية هي معيار التوزيع؛ أم إلحاح الحالة، أم ستوزع على أسس مناطقية يفرضها القرب الجغرافي؟! ولتتيقن الوزارة أن الأمور لن تستقر دونما حسم لهذه الجزئية، وسيتراكم الغضب الشعبي – وسيتضاعف – ولن تنال الوزارة الرضا؛ حتى وإن ضاعفت جهودها في بناء المساكن..
* اليوم؛ هناك 45 ألف طلب متراكم، وحنق عارم لدى فئة تعيش أوضاعاً إسكانية خانقة، وهناك شقق تمليك واسعة رُفضت شعبياً رغم كونها خياراً عملياً ومتيسراً بالنسبة إلى الوزارة.. وفي السابق كانت الإسكان تنتهجُ سن�’ة حسنة: تمنح شققاً إسكانية مؤقتة، بإيجار رمزي، لبعض الأسر المعسرة على قائمة الانتظار. الآن: ألا يبدو من المنطقي أن تُستخدم تلك الشقق بديلاً مؤقتاً بطرحها للإيجار – لا التمليك – لتخفيف الوضع القائم؟
* هناك عدد لا متناهٍ من نظم البناء الحديثة المعتمدة على الأخشاب المعالجة، الطوب الخفيف، الخرسانات عالية الأداء، الخرسانات التي تحتوي على ألياف، والخرسانات ذاتية التماسك.. وهناك نظام الـ «BAMTEC» الذي شرعت السعودية في استخدامه والقائم على التجميع عبر تربيط المسلحات.. وهناك نظام اللدائن المدعمة بالألياف الذي تدرسه الكويت، وهناك عدد من التقنيات السريعة والمتينة للبناء، ولكنها – كما أسلفنا – مكلفة مقارنة بالبناء العادي. فلماذا لا تدرس البحرين استيراد التقنية، عوضاً عن التعاقد مع شركات، وتنشئ – كما فعلت السعودية والإمارات – مصانع لتصنيع المواد.. وهو مقترح جدير بالدراسة لما له من منافع مزدوجة على الإسكان؛ والاقتصاد عموماً.
* ختاماً نقول: على الوزارة أن تصل لقناعة أنها ليست قادرةً – وحدها – على التعاطي مع إرث الطلبات الثقيل.. فهي – مع احترامنا الشديد – لا تملك العقول والخبرات «فلكية الأجور» التي يستقطبها القطاع الخاص.. ولا تملك التخصص ولا الرؤية للإتيان – وحدها – بحل.. لذا على الوزارة أن تكون واقعية.. هناك 30 شركة تطوير عقاري ضخمة في البحرين تدير مشروعات بالمليارات في الداخل والخارج.. تستطيع الحكومة أن «تعافر» وحدها.. وتستطيع أن تضع ملايينها في يد القطاع الخاص وتفرض شروطها..
بيت القصيد أن المشكلة لن تتبخر.. ولن تحل إلا بائتلاف حقيقي مع القطاع الخاص وبدفع استثنائي من القيادة بالطبع..
وكلنا مع الوزارة في خطواتها إن�’ صدقت.. نريدها فقط أن تخلص النية.. وستجد أبناء الوطن الشرفاء كلهم بمعيتها.