اجتماعية ناقدة:  قبل عامين؛ عندما نشرت أحدى الملاحق الرياضية صوراً لصادق إبراهيم – أحد أهم وأبرز لاعبي الطائرة على مستوى الخليج- وهو يجمع علب المشروبات الغازية الفارغة كوسيلة للارتزاق؛ شكلت صوره آنذاك صدمةً للشارع الرياضي ولمعجبيه الذين لم يعلموا أن قرص الحاجة وصل ببطلهم العاطل لهذا الحد.. وصادق ليس المثال الأوحد على ما يقاسيه رياضيونا من إجحاف وإهمال، فهناك البطل عباس مكي صاحب فضية العالم الذي امتهن غسل السيارات.. تخيلوا؛ بطلٌ رفع اسم البحرين ورايتها في المحافل الدولية ويُرى على تخوم المقاهي يغسل سيارات المواطنين والوافدين في مشهد يدمي القلب والضمير!!
بالطبع – وتحت وطأ الحرج بعد ذيوع تلك الأنباء- أقدمت المؤسسة العامة للشباب والرياضة على توظيف عباس في اللجنة الأولمبية، كما ووظف البطل صادق إبراهيم في الجيش؛ ولكن بعد متى؟ بعد أن أريق ماء وجههما ونزفت كرامتهما طلباً لالتفاتة تنصف قهرهما.. ولا ننسى هنا البطل العالمي حسين جاسم صاحب ذهبية العالم لبناء الأجسام، والذي لازال يعمل مغترباً في الكويت منذ عشر سنوات للسبب ذاته؛ ولا زال يحلم – في اليقظة والمنام – باليوم الذي يعود فيه لأهله ووطنه الذي ما أقصاه عنه إلا الحاجة لطلب الرزق..!

مثلهم؛ عشرات اللاعبين الذين يعانون المثل بل وأمرُ�’ منه: تيسير محسن حارس منتخبنا الوطني ونادي باربار لكرة اليد، عاطل.. محمد حبيب لاعب منتخبنا الوطني ونادي دار كليب للكرة الطائرة، عاطل.. محمود عباس لاعب منتخبنا الوطني والنادي الأهلي لكرة القدم، عاطل.. عباس عياد لاعب منتخبنا الوطني والنادي الأهلي لكرة القدم، عاطل.. علي مرهون لاعب منتخبنا الوطني ونادي النجمة للكرة الطائرة، عاطل.. علي الصيرفي لاعب منتخبنا الوطني ونادي الأهلي للكرة الطائرة، عاطل.. ميرزا عبد الله لاعب منتخبنا الوطني ونادي دار كليب للكرة الطائرة، عاطل.. ، محمد عبدالحسين حارس منتخبنا الوطني ونادي الدير لكرة اليد نعم هذا صحيح، عاطل أيضاً!!

بالطبع قطاع كبير مما يعانيه هؤلاء سببه احتراف الرياضة.. فمن هي جهة العمل التي ستتحمس لتوظيف رياضي محترف مجازفةً بتغيبه الدائم عن العمل!! ومن هي الجهة التي ستتحمل ظروف مشاركاته الخارجية في معسكرات التدريب والبطولات ؟! ومن يعمل منهم بالمناسبة لا يجد إلا الوظائف الدنيا وكثير من كبار اللاعبين يعملون كسواق حافلات.. مراسلين. أو كعمال مقاولات.. وهي وظائف لا تتواءم مع نمط الحياة التي يحتاجه الرياضي؛ لا لكونها محدودة الدخل فحسب؛ بل لكونها جد مرهقة؛ تحرم اللاعب من فرصته في التدريب وتطوير آلياته والاستعداد للبطولات العالمية والإقليمية.. 
وهو ما تنبهت له دول الجوار؛ بل وحتى الدول العربية محدودة الدخل؛ لذا تراهم يحرصون على تبني الرياضي عبر تفريغه للتدريبات أو احتوائه في وظيفة حكومية تسمح له بالتفرغ الجزئي للرياضة وما تستلزمه من تدريبات واستعدادات..

في العام ,2003 عندما استقبل ولي العهد منتخبنا العائد بالمركز الثاني من بطولة الخليج لكرة القدم وأمر سموه بتوظيف الرياضيين في الجيش كمدنيين.. ونحن نأمل أن تُفعل توجيهاته بالنسبة لسائر الرياضيين، بحيث يتم امتصاص هذه الكفاءات لا في الجيش فحسب بل وفي المؤسسة العامة للشباب والرياضة التي تعف عن توظيفهم ومساعدتهم رغم أنها عملياً مسؤولة – تمام المسؤولية- عنهم..!!

نافلة القول:
احتضنوا الرياضيين.. دول الجوار تحلم وتُمني النفس بنصف تعداد تلك الكفاءات الوطنية التي ” تترفسون” بها وتهملونها.. رياضيونا – لله درهم- يُعطون ويبدعون ويستلون البطولات والألقاب والميداليات رغم كل الإهمال والضغط النفسي والمادي والمعيشي الذي يرزحون تحت وطأته.. فما بالكم لو حظوا بالمعاملة اللائقة التي يستحقون.. حينها؛ وحينها فقط؛ سترون أن الأحمر هو خير ”من يلعب في الساحة”.