اجتماعية ناقدة: إذا كانت الديمقراطية أن تنتقد وتشتم وتقتلع المكتسبات من عيون الآخرين لجماعتك وعصبتك؛ وتدني النار لقرصك وتناطح بكل الوسائل، أيا كانت مشروعيتها، لإعلاء شأن فريقك وتسقيط سواه بتجيير قيم سامية كقيم الرقابة وحرية التعبير لتصفية الحسابات ومعاقبة الغرماء والهيمنة على ما تأتى من مواقع وغنائم – ولو- على حساب الوطن وباقي فئات الشعب..
فعلينا بالعافية والله لا يحرمنا من ”الديموغراطية”!!
أما إذا كان الهدف من الديمقراطية العض بالنواجذ على وحدة الشعب وإعلاء قيم التوزيع العادل للمواقع والمناصب والثروات؛ بحيث يشعر المواطنون بأنهم متكافئون بغض النظر عن مشاربهم ومذاهبهم وطبقتاهم؛ بما يقود مجتمعنا لحالة من السلم والتصالح مع نفسه تجعله ينشغل برفع أعمدة الثقافة وناطحات التسامح والبناء -عن- التدافع والمهاترات والصراعات..
ففي الكلام كلام..
لقد مرت لليوم زهاء الـ7 سنوات على تبنينا للنهج الديمقراطي أو الإصلاحي أو سموه كيفما شئتم.. خلال تلك السنوات السبع، أعاد مجتمعنا تنظيم نفسه بشكل مقلق. إذ سخر القيم الديمقراطية السامية لخدمة ذات التوجهات وأنماط العيش العقيمة التي ربا وتك�’ون عليها.. وما سياسة ”أنا وابن عمي” الماثلة أمامنا كل يوم وساعة- إلا مثال عابر للسياسات العقيمة التي مُد�’نت..
ذروا عنكم الكلام المنمق الذي علكناه – ومللناه- من أننا كنا سبيكة متماسكة حتى امتدت نار الفتن وصهرتها؛ فذلك كلام لا يصدقه حتى من يروج له.. لقد كنا دائماً جماعات تضمر لبعضها أكثر مما تعلن. ربما لم تكن سياسة ”أنا وابن عمي” هذه علنية بهذا الشكل.. ربما لم تكن بهذه الحدة والضراوة والعدائية؛ ولكنها كانت قائمة ومحسوسة وهي الملامة على تأخرنا وقطع كبير من الأحداث الكالحة التي عشناها..
في عود على البدء نقول؛ إننا لما دخلنا مرحلةً جديدة من تاريخنا الوطني توقعنا أن تنحسر هذه الموجة أو تضيق.. ولكنها لم تفعل.. توقعنا أن يقضي الانفتاح على أسياد الفتنة ورؤوسها ولكنهم تزايدوا.. كلما حل عارض بهذا البلد وتعالت الأصوات كلٌ يُغني ليلاه ويقذف الآخرين بحجارته.. قلنا هي التجربة الوليدة وستختمر حتماً. كلما وجدنا من ”ينب�’ر” في ندوب الماضي وينفخ في فروقات عفا عليها الزمن قلنا: هفوة وعساه خيراً.. كلما رأينا من يُفترض بهم أن يمثلوا الشعب – كل الشعب- وهم يجاهدون لنفي وتسقيط شرائح بأكملها قلنا: هي المنزلقات والأخاديد التي تمر بها كل الديمقراطيات..
ولكن الأمر طال..
وصار هذا الواقع هو القاعدة.. وقيم الديمقراطية والعقلانية غدت الاستثناء؛ ووحده المستعان على ما هو آت.
كل تلك الآيات البينات تشي بوجود خلل؛ لسنا في وارد تفكيكه وتحليله هنا بالطبع بقدر ما ننذر من أن الديمقراطية التي أردناها أن تكون ضمادة؛ صارت هي المشرط وآفاتنا الاجتماعية والسياسية التي تتزايد تباعاً هي برهان ما نقول.. وإن لم نتدارك أنفسنا ونعيد حساباتنا – الآن- قد نصحو قريباً لنرى أننا كالجمهوريات التي ما هي بجمهوريات؛ والديمقراطيات التي لا تشبه الديمقراطية في شيء.!!