:للقلب والروح
وجدتك كعجوز تبدو فيها ” آثار” تدل على ” تاريخ ” فتنة وجمال ..
لم يبقى فيها إلا بصيص مما أذكره من روعة تتاخم الكمال..
هل كنت أجمل يا مدينة شبابي أم كنت أنا صغيرة ..
طائشة ..
حالمةً..
أثثت ذاكرتي بتماثيل من خيال ..
***
دخلت تلك السوق ..
التي كانت يوما تتشح بالأضواء والأناقة ..
فوجدتها شبه مهجورة ..
نصف ميتة ..
شعرت بغصة ..
لماذا تآمرت عليك المجمعات ؟
لماذا تآمرت عليك المتاجر متعددة الجنسيات ..
دفنك بلا رحمة مُلاك ناطحات السحاب !
أتعلمين ؟
أفضلك – على بساطتك – على المجمعات والمحلات التي تدار بالملايين ..
كانت لك خصوصية ، فيك عبق أصيل ..
كنا ” نساوم ” الباعة من قبيل العادة ..
نبتهج لتخفيض لا يُذكر وكأننا حققنا إنتصار صغير ..!
ذهبت تلك الأيام ومَحت كل ما هو عريق وجميل ..
في عهد ما .. كانت هذه السوق تسهر للصباح ..
تضج بالمساومات والألوان والأطفال وضحكات المزاح ..
إنتهت الآن ..
ليتني لم أزرك مجددا وأقفلت صندوق ذاكرتي على الماضي .. ورميت المفتاح ..
(2) صفية ..
النساء نوعان : نوع له جمال مغرٍ .. مشحون بالغواية ..
وجمال ناعم حنون يختصر الحكاية ..
لازالت أذكر ” صفية “
كان لها جمال بربري فاحش ..
هي ، وفق معادلات الجمال ، إمرأة عادية ..
لكن أنوثتها المكتنزة لا تعترف بالمقاييس ..
كانت امرأة ذات شخصية ..
تعنف من يخطئ ..
ولا تستحي من كلمة الحق ..
وتتدخل في كل شجار وقضية ..!!
كان لديها – دوما – شيئاً لتقوله ..
كانت تسيطر على أحاديث كل مجلس ، وكأنها .. وكأنها مركز المجلس وكل الحاضرات تدور حوله ..
كان لديها قصص كثيرة..
وخيال جامح وحلق في أذنها لا تلبس غيره ..
كانت تعرف أسماء كل من بالحي ..
وتتشاجر مع الصبية إن أحدثوا ضجيجاً وقت الظهيرة ..
كانت عطوفة على الصغار..
وتعتني بإرسال الغداء لمسنة تعيش وحدها مع قطتين منتصف كل نهار..
كانت تحل المشاكل الزوجية وتتحدث في كل التفاصيل بلا حياء ..
وبلا تردد ؛ إن شكى لها احد ألماً .. توصف للمعتل الدواء !!
كانت امرأة خاصة جاد بها الزمان على ذاكرتي ..
قابلتها مؤخراً ..
فوجدت أن الزمن .. روضها .
بعد أن فقدت زوجها ولم يكن لها أطفال ..
قلت لها :
شعري يتساقط لأختبر فيها ما كان ..
قالت :
طبعا سيتساقط لأنكم يا بنات اليوم مهوسات بالصبغ والتصفيف..
آخر زمان ..!!
أكاد أتقيئ وأنا أرى بعضكن يقصصن شعرهن كالغلمان ..!
يومها إكتشفت أنها تمثال آمالٍ صامدٌ ..
تغيرت كثيراً لكن داخلها شامخٌ.. لم تنحته الأيام ..
(3) أعترف .. لا أعرف أنصاف الحلول ..
متطرفة – وأفتخر – وحقي في تطرفي مكفول ..
أؤمن بالحرية والعدالة والخير .. والحب
أؤمن بأن الحياة مسرحية وأن النجاح فصول ..
لذا كان حبي متطرفاً ..
كالأعاصير والشلالات وألوان الطاووس وطعم الليمون ..
حبك .. كان عادياً ..
.. يوحي بالارتياح
كان ليرضي إمرأة ، لا طائراً مثلي له جناح ..
أذكر يوم قابلتك ..
رأيتك فيك .. الصباح ..
كان حبنا جنين كامل ..
محارب قدره النصر ..
ريفية لا ترتاح ..
ذات مساء ..
وأنت تراقصني
حبنا قرر.. التوقف عن التنفس
لم يكن قراري فلا ترهقني بأسئلة.. لا أملك لها جواب