للقلب والروح : في الموروث الصيني قصة تقول إن شيخاً كان يعيش فوق تل من التلال 
ولا يملك إلا جواداً هزيلاً، ففر جواده ذات عشية، فجاء الجيران يواسونه لحظه العاثر.. فأجابهم بدهشة: وما أدراكم أنه حظٌ عاثر؟
وبعد ليال عاد الجواد بين قطيع خيول برية، فجاء جيرانه يهنئونه على الحظ السعيد.. فأجابهم مشدوهاً: وما أدراكم أنه حظٌ سعيد؟ 
ولم تمض أيام حتى سقط ابنه الوحيد وهو يدرب أحد الخيول البرية فكسر ساقاه.. فتراكض له الجيران يواسونه في حظه العاثر.. فأجابهم مستنكراً: وما أدراكم أنه حظ عاثر؟ 
وما هي إلا أسابيع حتى شب�’ت حربٌ ضروس وجن�’دت الدولة شباب القرى وساقتهم للموت قسراً؛ ولكنها أعفت ابن الشيخ من القتال بسبب ساقيه المكسورتين..!! 
    
للقدر في حياتنا دور لا يغفله إلا قليل العقل والإيمان.. فهناك حسابات بشرية، وهناك حسابات إلهية.. ووحدهم السذج والخدج من يظنون أن حساباتهم هي الأفضل.. يقول كعب بن زهير:
لو كنت أعجب من شيء لأعجبني 
سعي الفتى وهو مخبوء له القدر
ويقول آخر
إذا كان سعد المرء في الدهر مقبلا
تدانت له الأشياء من كل جانب
فنحن البشر نشقي أنفسنا في الحياة بالحسابات والخطط والتدبر والجزع؛ ونشعل قلوبنا بالهواجس مما قد يأتي به الغد من ملمات أو يأخذه من نعم.. نظريا؛ نؤمن كلنا بقضاء الله وقدره، إلا أننا لا نستطيع أن نترجم هذا الإيمان أفعالاً.. نعم؛ على الإنسان أن يطلب الرزق وما يسببه.. والخير وما يقود إليه.. والسعادة وما يجلبها ويتجنب البلاء وما يستدره .. ولكن الواقع أننا تحت يد القدر الإلهي؛ وأن كل ما يصيبنا من خير وشر تدبير له تدابيره عند رب العزة..
بعض ما يصيبنا في الحياة من نسج أيدينا: من ظلمنا وإفراطنا وتكبرنا وغلونا وتقصيرنا.. ولكن المنعطفات المهمة التي يفاجئنا بها القدر.. من مرض ورزق وطعون وأفراح وفقدان عزيز .. كلها تأتي بمشيئة أكبر من أن نفهم كنهها أحياناً .. وكثيراً ما نكتشف أن الأيام العصيبة قد تكون تمهيداً لأيام سعيدة.. وأن ما فات وتأخر من فرص ومغانم قد تكون له نجاة دون ان يدري.. 
وحدهم أهل الحكمة لا يغالون في الحزن على ما لا يفتقدون من مال ورزق، أو ولد وشريك، أو منصب أو مغنم .. فلرب العرش في حجزه وبذله للنعم حِكَم.. لا نفقهها إلا بعد حين..