:للوطن حدثناك يا ملكنا السعيد عن أمر هذه الجزيرة التي طال أهلها الحزن والحيرة.. وجئنا اليوم لنكشف اللثام عن مغالطات الإعلام ونعلن للراعي والرعية حقيقة الحدث الذي قلب حياة البرية.. فأسمعوا يا عالمين واستعيذوا من شيطان الطائفية الرجيم ؛ لتعرفوا الحقيقة ممن عاشت القصة، غصةً بغصة، وهي كاتبة ثائرة.. جريئة مغامرة.. باعت�’ حياتها الرغيدة لعيون صراعات مدمرة ورغم هذا.. هي سعيدة معتدةٌ عنيدة؛ لأنها لا تصفق للطغيان ولا تنعق مع الغربان ولا تعبد الأصنام ولا تمشي مع القطعان.. بلسانها سأنقل فصول الحكاية.. للنهاية.
شهرزاد عصر الآي باد 
***
تقول صاحبتنا عن ” المؤامرة”:
   تنادى بعض الشباب البحريني بيوم غضب عبر صفحة ” فيسبوك”، لم ينضم لها وقتها إلا زهاء الـ7 آلاف مشترك فيما بدا وكأنه استلهام من ثورات الشعوب العربية.. أنباء “الثورة” القادمة كانت تتداول بين العامة بشيء من التندر وكثير من اللامبالاة والتشكيك، لم يبد شيئ ما جدياً أو باعثاً على القلق وقتها. فرغم تاريخ الصراع السياسي الممتد منذ 1953 بين السلطة الخليفية والشعب إلا أن السنوات الأخيرة ، والمساحة والمشاركة النسبية التي وفرتها، احتوت المعارضين ونقلت العمل السياسي من هجير الشارع لقاعات البرلمان المكيفة. وعدا بعض المناوشات البسيطة – التي قادتها جماعات محدودة- كان الوضع الأمني والسياسي مستقراً والسخط الشعبي “تحت السيطرة” ما جعل فكرة نشوب ثورة بزخم تلك المصرية والتونسية مستبعدا – مؤقتا على الأقل- بالنسبة للمراقبين.. 
***
     مساء 13 فبراير اتصلت بالنائب جواد فيروز وبرئيس جميعه وعد إبراهيم شريف – فك الله أسرهما- لاستيضاح مواقف الجمعيتين من الحدث.. “ما مدى جدية تحركات الغد ؟” سألت فيروز مباشرة فأجاب من غير حماسة ” لا نعرف تحديداً من هي الجهة التي نادت بالتحركات وبالتالي قررنا إننا لا نتبنى الدعوة ولا ندعو جماهيرنا لها ولكننا.. لا نقف بالطبع ضد حق أي شخص في التعبير عن رأيه..”  
–          هكذا إذن.. 
–          هو كذلك
     موقف إبراهيم شريف – فك الله أسره- لم يكن عن ذلك ببعيد.. لم يعط ثقلاً للأمر بيد أنه قال إنهم سيقفون دقائق تضامنا مع المعتصمين في فعاليتهم المقررة بمناسبة الميثاق في الغد.. 
 
    كل ما رُوج من أن حركة 14 فبراير ” مؤامرة وفاقية” محض كذب وافتراء.. تزييف لما حصل.. لم يكن لأقطاب المعارضة وللناشطين دور حقيقي في إشعال الفتيل. هاتفتُ عدداً إضافياً منهم عشية ما حدث لاستيضاح المعلومات.. فطلبوا المعلومات مني ! 
     لم تكن تلك مؤامرة عمرها 30 سنة ولا حتى 3 أشهر كما أثبتت التحريات التي ” فصلها” هولمز البحرين.. مسئولة أنا أمام الله والتاريخ والسياف “جوهر” عما أقول.. !
 
*****
      مطلع فبراير.. كانت لي ندوة جماهيرية وقف فيها شاب ثلاثيني ليسأل:
 هل تعتقدين بإمكانية نجاح ثورة في البحرين ؟ فأجبت بالنفي ” في علم السياسة توجه الشعوب سخطها للملفات المعيشية أولاً – قلتُ- وبعد فترة من تجاهل رغبات الشعب وأوجاعه يتحول هذا السخط من الملفات للأشخاص.. فيرى الشعب أن هذا ” المسئول” هو مشكلته لا الملف نفسه، وأن حل�’ كل معضلاته هو في إزاحته.. قلت وأردفت – اذكرُ ولا أُنكر- ” أن البحرين لم تصل لهذا الحد بعد، تسويف رغبات المواطنين وتجاهل شكواهم سيصل بنا لهناك يوماً ولكن هذا اليوم.. ليس بقريب.. 
 
      كنا يا ملكنا – والحق أقول – جاهلون بحجم الغضب الذي يغلي في نفوس المغبونين.. لذا فأقصى ما توقعناه هو تحركات عابرة، و6 إطارات محترقة وعشرات اليافعين الذي سينتهي اليوم بتفريقهم بمسيلات الدموع..
وكم كنا واهمين..!! 
 
      ولو قيل لي يومها أن البحرين على أعتاب أكبر أزمة ستعصف بتاريخها المعاصر وأن البلد ستُشطر وسيحكمها العسكر.. لسلمت على كل الجدران وطفت بكل مكان وودعت البحرين التي أعرفها وأحبها لعلمي بأني.. سأفتقدها.. 
***
     أول مؤشرات القلق بدأت عندما رأيت وجه جلالتك في احتفالية عيد الميثاق بقصر الصخير . كنت بين المدعوين جالسة هناك على اليسار عندما دخلت الحفل في أبهى حلة ولكن ابتسامتك المعروفة غابت عن الحفل ومعها تركيز كثيراً ممن كانوا حولك ممن حظرت أجسادهم ولكن فكرهم.. كان شارداً في مكان آخر.. 
 
      ألتفت يومها لأسأل د.منصور الجمري – الذي كان جالساً خلفي- ما أخبار التحركات اليوم ؟ ” قليلة ومتفرقة – قال مؤشرا بيديه. حسناً؛ لقد صدق الظن ولم يخرج للشارع يومها إلا جماعات محدودة حتى أن بعض “المستظرفين” أطلقوا موجه نكات ساخرة على ” الثورة المنتظرة” !
      بدا أن كل شي وكأنه ولد في 14 فبراير وسينتهي في 14 فبراير..لم يخرج الناس بالآلاف ولم تهتز الأرض ولم تن�’شل الحياة.. حدث واحد فقط غي�’ر وجه كل شيء ومسار كل شيء وأيقظ جبروت الغضب ما كان نائما..
****
     كيف تحول اليوم الرتيب لأزمة تُشيب الطفل الوليد.. وما سر هذا التحول العجيب ؟ 
في الغد نكمل فها قد شعشع الصباح وعلى شهرزاد أن تسكت – مؤقتاً- عن الكلام غير المباح..